من جولة إلى أخرى في مواجهة قضائية – سياسية باتت أقرب ما تكون إلى معركة ليّ أذرع او كسر عظم لا هوادة فيها، تصاعدت أمس حمّى المواجهة بين المحقق العدلي في ملف جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، والنواب الثلاثة نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، فيما يرسم مزيداً من الغموض المقلق حول مصير التحقيق وإمكان إعادة تعليقه مجدداً في ظل التداعيات الحادة والخطيرة لهذه المواجهة وما يمكن ان تستبطنه بعد من تطورات يخشى ان تكون بالغة السلبية على تأخير التحقيق وربما تبديده، وفق ما اوردت صحيفة “النهار”.
اضافت” النهار”: اذا كان الأوساط السياسية والقانونية والقضائية في معظمها، توقّعت تصاعد منسوب الحدة في المواجهة قبل 19 تشرين الأول الحالي، موعد بدء العقد العادي الثاني لمجلس النواب، بما يعيد بسط حماية الحصانة النيابية على النواب المطلوبين للتحقيق امام المحقق العدلي، فإن واقع المواجهة يبدو كأنه تجاوز المهلة المذكورة واستبقها فعلاً اذ جاء ردّ النواب الثلاثة، ومعهم أيضا الوزير السابق يوسف فنيانوس بتقديم طلبات متزامنة امام محكمة التمييز الجزائية لكفّ يد البيطار عن التحقيق منسقاً بين الأربعة واقلّه بين النواب الثلاثة. واقترن ذلك بما تأكد من ان الأربعة، وعلى الأرجح رئيس الحكومة السابق حسان دياب أيضا الذي ذكر انه سيعود إلى بيروت من الولايات المتحدة في منتصف الشهر الحالي، لن يحضروا جلسات الاستجواب امام المحقق العدلي الذي حدد ثلاثة مواعيد للنواب قبل 19 تشرين الأول، فيما حدّد موعداً لدياب بعد هذا الموعد.
وكتبت ” نداء الوطن”: في إطار لعبة مكشوفة لتبادل الأدوار وتوزيع الادعاءات لتكبيل القاضي طارق البيطار وفرملة تحقيقاته واستدعاءاته، شنّ المدعى عليهم “هجمة مرتدة” عليه لإعادة “كف يده” عن القضية بعد رد محكمة استئناف بيروت طلب رده، فلجأ النائبان غازي زعيتر وعلي حسن خليل إلى محكمة التمييز المدنية لإعادة الكرّة والادعاء عليه بدعوى “رد” أخرى تستهدف رفع يده مجدداً عن القضية بمجرد تبلغه مضمونها في الساعات المقبلة، ما يعني حكماً “تطيير” جلسات الاستجواب التي كان المحقق العدلي قد حددها للاستماع إليهما قبيل انعقاد الدورة العادية لمجلس النواب، بالإضافة إلى جلسة الاستماع إلى النائب نهاد المشنوق الذي تولى بدوره أمس تقديم دعوى جديدة أمام محكمة التمييز الجزائية طلباً لنقل ملف المرفأ إلى قاض آخر بتهمة “الارتياب المشروع” به.وكتبت ” الاخبار”: الخطوة لم تكُن مفاجئة، وكانَ واضحاً أن الهدف منها كسب الوقت حتى 19 تشرين الأول (موعد العقد الثاني لمجلس النواب) بحيث لا يعود البيطار طليق اليد في إجراءاتِه. لكن حتى ذلِك الحين، ستحصل أمور كثيرة. ففيما يُفترض أن تُكفّ يد البيطار يوم الإثنين موعد تبلّغه الدعاوى، لا شيء يؤكّد أن محكمة التمييز ستتأخر في اتخاذ قرار بشأنها، وعلى الأرجح أنها ستسير على خطى «الاستئناف» وتبتّ بها سريعاً، ليعود البيطار إلى التحقيقات من جديد، إذ إن كل التوقّعات تشير إلى أن الغرفة الخامسة لدى محكمة التمييز برئاسة جانيت حنا (حيث أرسل القاضي سهيل عبود الدعوى) سترفض طلب الرد، في ظل الضغط الدولي المؤازِر للبيطار.في القانون، لن يعود أمام الوزراء باب قانوني يطرقونه لتنحية البيطار. فالأخير يعيّنه وزير العدل بموافقة مجلس القضاء الأعلى، لكن من سيكفّ يده فيما لو رفضت المحاكم ذلك؟ مصادر مطّلعة على الملف تقول إن “رفض محكمة التمييز طلب الرد يعني تكريس البيطار قاضياً حاكماً بأمره، لا يستطيع أحد الاعتراض على ما يقوم به”، وبالتالي بعدَ “استنفاد السبل القانونية في المواجهة، تُصبِح المعركة سياسية بحتاً”.
وفي حال رفضت محكمة التمييز طلب الرد أيضاً، ستتضاعف لدى البيطار مناعة الاستقواء بالدعم الخارجي والقضائي، وسيعمد إلى مضاعفة إجراءاته قبل 19 تشرين، إذ يتوقّع أن يصدِر مذكّرات توقيف في حق الوزراء الثلاثة، في حال لم يحضروا (على الأغلب) جلسات الاستجواب.
وعلى المقلب القضائي، باتَ شبه مؤكد أن البيطار سيدّعي على مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، بعدما ادّعى سابقاً على القاضي غسان خوري بسبب ما اعتبره «شبهة حول قيام القاضي خوري بارتكاب جرائم جزائية ساهمت مع أسباب أخرى في التسبّب بوفاة أشخاص عديدين وجرح آخرين والإضرار بالممتلكات العامّة والخاصّة».وقالت مصادر نيابية قريبة من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر لـ”الشرق الأوسط” إن النائبين لن يمثلا أمام القاضي البيطار كونهما يعتبران أنه يخالف الأصول الدستورية، وليس التحقيق العدلي هو المرجع الصالح للتحقيق معهم، بل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.