يا نساء لبنان لا تصوتّن إلاّ للوائح نصفها إنثوي

10 أكتوبر 2021
يا نساء لبنان لا تصوتّن إلاّ للوائح نصفها إنثوي

سؤال يُطرح، وهو مشروع وأعتقد أنه منطقي. لماذا يُراد حصر ترشّح المرأة اللبنانية لأي إنتخابات، نيابية كانت أم بلدية أم نقابية، بـ”كوتا” محدّدة؟ ويتبع هذا السؤال سؤال آخر: أليس هذا الأمر تحجيمًا لدور المرأة في لبنان، وهي التي لها نضالات كثيرة في كل المجالات، وهي أكثر من نصف المجتمع عدديًا؟ 

من حقّ المرأة اللبنانية  أن تترشّح وأن تفوز وأن يكون لها حضور فاعل ومميز في الحياة السياسية، وهي ستنجح حتمًا كما نحجت في أدوارها كحبيبة وكزوجة وكأخت وكأمّ وكشريكة للرجل في كل شيء. هي المربية الصالحة، وعلى يديها تُبنى الأجيال. وهي الحاضنة والمؤسِسة لأي مشروع عائلي مستقبلي. فكيف تُختصر كل هذه المهمات بـ”كوتا” محدّدة ومحصورة بعدد متواضع؟  
فعندما نحدّد للمرأة “كوتا” معينة في الإنتخابات النيابية نكون كمن يعيدها، عن قصد أو عن غير قصد، إلى زمن ولّى، يوم كانت فيه المرأة تُعتبر، عن جهل، أدنى درجة من الرجل، ويوم كانت فيه الهيمنة في المجتمع الذكوري للرجل، الذي كان ينظر إلى المرأة نظرة دونية وكان يتعامل معها على أساس أنها سلعة، وأنها وجدت في هذه الحياة فقط لخدمته وتلبية رغباته الحياتية.  

المرأة اللبنانية ليست في حاجة إلى هذه “الكوتا”، وليست في حاجة إلى من يربّحها جميلًا من كيسها. ليست في حاجة إلى حصر مهامها بعدد لا قيمة له. فقيمتها هي  عالمية الأدوار، أقله نظريًا. نحتاج إلى المرأة في التشريع والمراقبة والمحاسبة، لأنها صادقة ومخلصة ودقيقة، وتعرف ما هو المفيد وما هو غير مفيد تمامًا كما تتعامل مع أمور بيتها وفي تربية أولادها. الغشّ بالنسبة إليها حرام. وهذا ما تعلمّه أيضًا لأولادها، وتقول لهم “قرش الحلال مش عم يبرك فكيف الحال مع القرش الحرام”.  
أثبتت المرأة أنها السند والمعين في كل شيء. هي أقوى من الرجل في الأوقات الصعبة. تتحمّل المرأة الأمّ مع شريكها في الحياة مسؤولية تربية الأولاد. تخدم الجميع، كبارًا وصغارًا مجانًا ومن دون منّة. تعطي من قلبها من دون مقابل. تعطي ولا تأخذ.  
الزوجة تشارك زوجها في أعباء الحياة. يدها بيده. تتعب وتكدّ في العمل مثلها مثله.  
الرجل إتكالي وأناني بطبعه. أما المرأة، سواء أكانت حبيبة او زوجة أو أمّ أو سيدة مجتمع أو مديرة أو سياسية، فهي العطاء بحدّ ذاته، وهي الحنان والراحة اللتان يُلجأ إليهما في الأوقات الصعبة والحرجة.  
أنا بصراحة ضد إعطاء المرأة “كوتا”، تمامًا كما أنني ضد أن تطالب بحقوقها. فهذه الحقوق لا تُعطى بل تؤخذ غلابًا، وليس بالترجي. أنا مع المرأة التي تنتزع حقوقها بإرادتها الصلبة، وترفض الإنصياع لأوامر جائرة. أنا مع المرأة التي تفتخر بكونها إمرأة كاملة العقل والدين، وأنها المخلوق الأقوى على وجه الأرض، وقد اثبتت مع تطوّر الحياة أنها جديرة بأن تكون في المقدمة وفي الطليعة من دون أي عقدة نقص، شرط ألا تفقدها هذه القوة وفائض الثقة بالنفس أنوثتها، التي تبقى اقوى من أي سلاح. 
أنا مع دخول المرأة إلى الندوة البرلمانية بقوة وبكثافة عددية من أجل التغيير ومن أجل إحداث نقلة نوعية يحتاج إليها مجتمعنا الذكوري.  
من حق المرأة أن تحتل نصف المقاعد في مجلس النواب طالما أن عدد النساء يوازي عدد الرجال في المجتمع. أنا أدعو نساء لبنان إلى عدم الإقتراع لأي لائحة لا تضم نساء بمعدّل نصف عدد المرشحين. فكما أن لها حقوق الرجل نفسها بالنسبة إلى التصويت فمن حقّها أيضًا أن تتشارك معه الحق في الترشح بالتساوي والتوازي. 
أيتها النساء في لبنان إرفضن ما يسمّى “كوتا” نسائية. إعلنّ العصيان. لا تصوتّن إلا للوائح التي فيها نصف المرشحين من النساء.  
هكذا يكون التغيير. وهكذا تكون الثورة الحقيقية.