من حق اللبنانيين أن يطالبوا الحكومة بأبسط حقوقهم من مقومات العيش الكريم، خصوصا أنهم على مدار 13 شهرا من الفراغ القاتل حيث بلغ الانهيار مداه على كل الصعد، كانت صرخاتهم تذهب أدراج الرياح بفعل غياب حكومة حسان دياب عن تصريف الأعمال وإنقطاع أكثرية الوزراء عن وزاراتهم وعن تسيير شؤونها، لذلك من الطبيعي بعد تشكيل الحكومة وإطمئنان الناس الى وجود جهة مسؤولة عن الأوضاع العامة أن تتعاظم المطالب والانتقادات من الوضع الراهن لا سيما على الصعيد الكهربائي وهو ليس وليد شهر من عمر الحكومة إنما هو صنيعة سنوات طويلة من السياسات الخاطئة معطوفة على فراغ حكومي وعدم تحمل للمسؤوليات أفضت الى إنفجار الأزمة بهذا الشكل المظلم والبائس.
لا شك في أن الحلول المطلوبة لا يمكن أن تحصل بكبسة زر، فلا يمكن للعطار أن يصلح ما أفسده الدهر، وأن أصرّ على إصلاحه فهو يحتاج الى كثير من الوقت ليتمكن من إعادة الأمور الى مجراها الطبيعي، كما أن الضغط السياسي الذي بدأ يُمارس على الحكومة ورئيسها ربما يؤدي بشكل من الأشكال الى التحفيز على زيادة الانتاج الحكومي، لكن في الوقت نفسه مجحف وظالم.. خصوصا أن كل المعنيين يدركون حجم الانهيار الحاصل والكم الهائل من الصعوبات في كل قطاعات الدولة ومؤسساتها المتحللة، والتي لا أحد يمتلك عصا سحرية لحلها بالسرعة المطلوبة، فضلا عن العراقيل التي تتسبب بها الخلافات السياسية والمصالح الانتخابية، وتسابق البعض الى الهجوم على الحكومة من باب الأزمات المعيشية لتحقيق شعبية هنا أو إستعادة شارع هناك.يبدو واضحا أن الكم الهائل من الأزمات قد أغرق حكومة “معا للانقاذ” التي تسعى منذ نيلها الثقة قبل 21 يوما الى وضع برنامج عمل يحدد الأولويات للبدء بالمعالجات وخصوصا في ملف الكهرباء، لكنها في الوقت نفسه تواجه إفلاسا في خزينة الدولة، فلا هي قادرة على تأمين الأموال الكافية لوضع حلول مستدامة كما يطالب البعض، والمئة مليون دولار التي حصلت عليها من مصرف لبنان لشراء الفيول لا تكفي إلا لفترات قصيرة ولا تؤدي الى زيادة التغذية لأكثر من ساعتين أو ثلاثة في الـ24 ساعة، خصوصا أن المعامل لا تعمل بكامل طاقاتها والانتاج في أكثر الأحيان لا يغطي الشبكة بما يوفر التوزيع العادل، كما أن الفيول العراقي بدل أن يكون عاملا مساعدا على زيادة الانتاج بات يحل مكان الفيول الرسمي بما يبقي الوضع على ما هو عليه.
أمام هذا الواقع، فإن الأولوية لدى الحكومة في الوقت الراهن هو وضع أزمة الكهرباء على طريق الحل، بتسريع وصول الغاز المصري والكهرباء الأردنية الى لبنان، وهذا الأمر يجري بحثه تقنيا مع البنك الدولي بهدف الاتفاق على آلية التمويل، خصوصا أن البنك الدولي يأخذ على عاتقه كل التكاليف المتعلقة بهذا الموضوع.وفي هذا الاطار تشير المعلومات الى أن الغاز المصري من المفترض أن يصل الى لبنان قريبا، خصوصا أن الغاز سيسلك طريقه من مصر بإتجاه الأردن الذي بدوره سيقوم بتسليمه الى سوريا على الحدود الأردنية ـ السورية في درعا، على أن يقوم الجانب السوري بتسليم الجانب اللبناني الكمية نفسها التي يتسلمها من الأردن من إحتياطي الغاز السوري الموجود على الحدود السورية ـ اللبنانية شمالا، ما يعني أن ما سيصل الى لبنان هو غاز سوري.
وتضيف المعلومات إن الدعم الأردني للبنان في هذا الاتجاه واضح جدا، حيث أرسل الجانب الأردني خبراء لاصلاح الشبكة الكهربائية السورية المتضررة بفعل الأحداث التي شهدتها تلك المناطق، من أجل تزويد لبنان بالكهرباء الأردنية عبر الشبكة السورية في أسرع وقت ممكن.
وتقول مصادر مواكبة إن “الحكومة تتابع عن كثب المفاوضات مع البنك الدولي للاسراع في التمويل، وهي تعمل على تذليل كل العقبات بما يساهم في وضع حد للانهيار الكهربائي”.