“حزب الله” و”الوطني الحر”.. كيف فسّر العونيّون “إشارة” نصر الله؟

13 أكتوبر 2021
“حزب الله” و”الوطني الحر”.. كيف فسّر العونيّون “إشارة” نصر الله؟

كتب المحرر السياسي: يومًا بعد يوم، يزداد “التباعد” بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، الحليفين اللذين لا يجدان منذ فترة ملفّات “يتوافقان” عليها، وتحديدًا منذ ما قبل تأليف الحكومة، يوم قرّر “الحزب” دعم الرئيس سعد الحريري رغم “الامتعاض العونيّ”، الأمر الذي انعكس سلبًا على القاعدة “العونيّة” التي لم تجد في المبرّرات التي سيقت ما يشفي غليلها.

بعد “اعتذار” الحريري، وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي، ونجاحه في تأليف الحكومة، لم تخفّ “نقاط الاشتباك” بين “حزب الله” و”العونيّين”، بل لعلّها زادت، إلى أن وصلت لذروتها، مع موضوع “تصويت المغتربين”، الذي “تسرّع” الحزب بإطلاق موقف “سلبيّ” منه، جعل رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل يطلق “انتفاضة” في وجه محاولات “انتزاع” الحقّ الذي أعطي لغير المقيمين منذ 2018.ولم يكد “حزب الله” يرجع خطوة إلى الخلف، عبر إعلانه الموافقة على تصويت المغتربين، بأيّ طريقة يتوافق عليها السياسيون، بما يشبه “السلفة” التي منحها لحليفه، حتى “تفجّر” ملف التحقيق بجريمة تفجيرمرفأ بيروت، ليكشف “تباينًا واسعًا” بين “الحزب” الذي يريد جهارًا “قبع” المحقق العدلي من منصبه، و”التيار” الذي يعلن جهارًا أيضًا رفضه ما يعتبره “تدخلاً” في التحقيق، و”ضغطًا” على القاضي طارق البيطار.

 “غمزة غير بريئة”في خطابه الأخير، رفع الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله سقف المواجهة مع القاضي البيطار إلى الحدّ الأقصى، واصفًا إياه بـ”الحاكم بأمره”، ومتّهمًا إياه بـ”التسييس”، من خلال استهداف فريق سياسيّ محدّد ومعيّن، قبل أن يطالب مجلس القضاء الأعلى والحكومة بالتحرك لاستبدال القاضي “الذي لا يريد الوصول إلى الحقيقة” في جريمة تفجير مرفأ بيروت، وفق ما قال.لكن خطاب نصر الله هذا لم يَخلُ من “غمزة” لم يستسِغها الكثير من “العونيّين” ممّن اعتبروها “غير بريئة”، وقد انطوت على “تلميح” بقرب القاضي منهم، وهو ما ذهب إليه قبل الأمين العام لـ”حزب الله”، الوزير السابق نهاد المشنوق، الذي اتهم البيطار صراحةً بأنه يتلقى “الأوامر” من المستشار الرئاسي الوزير السابق سليم جريصاتي، علمًا أنّ هناك من لم يستبعد أن يكون المشنوق قال بكلامه هذا، ما لم يكن “حزب الله” نفسه قادرًا على قوله.أما “غمزة” نصر الله، فتمثّلت بإشارته إلى عدم استماع القاضي البيطار إلى إفادة رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي كان “على علم” بالمواد المخزّنة، شأنه شأن الشخصيات الأخرى التي ادّعى عليها. ومع أنّه وجد “الإخراج المناسب” لإشارته هذه، من باب أنّ عون نفسه قال إنّه “جاهز” للإدلاء بإفادته، لكنّ أحدًا لم يطلب الاستماع إليها، إلا أنّ “الرسالة” من وراءها، لم تكن بطبيعة الحال، “على خاطر” العونيّين.أيّ تداعيات؟صحيح أنّ أيّ موقف رسميّ لا يتوقع أن يصدر عن قيادة “التيار” تعليقًا على إشارة السيد نصر الله، لكنّ الصحيح أيضًا أنها عكست “موقفًا” من جانب “حزب الله” الذي ينظر إلى “التيار” على أنّه من “يشجّع” القاضي البيطار على المضيّ في المسار الذي انتهجه لنفسه، والذي يراه الحزب، وفقًا لتصنيفاته وقراءاته “مريبًا”، وهو يعتبر أنّه “يقف حجر عثرة” أمام كلّ المحاولات لعزله وإقصائه.ولعلّ ما حصل في جلسة الحكومة بالأمس خير دليل على ذلك، فقد أظهرت انقسامًا واضحًا في الرأي بين الجانبين، فـ”حزب الله” ومعه “حركة أمل” و”تيار المردة” يريدان عزل القاضي واستبدال بقاضٍ آخر، انطلاقًا من “روحية” خطاب نصر الله، لكنّهم يصطدمون برفض وزراء “التيار” أيّ بحثٍ بهذا الموضوع، باعتبار أنّ المطلوب ترك القاضي ينجز عمله أولاً، وبعدها يكون لكلّ حادث حديث.الأرجح أنّ الخلاف المستجدّ بين “الحزب” و”التيار” سينتهي كسابقاته، من دون الكثير من “الضجيج”، ومن دون تداعيات سياسية كبرى، لكنّ الأكيد أنّ العلاقة بين الجانبين، على مستوى القاعدة الشعبيّة على الأقلّ، لم تعد كما كانت في السابق، ولو أنّ هناك من لا يزال يصرّ على الحديث عن “توزيع أدوار” بين الجانبين، على أبواب الانتخابات، التي تتطلب بعض المواقف المتفاهَم عليها مسبقًا.لم تمرّ إشارة نصر الله إلى عون في معرض اعتراضه على “استنسابية” المحقق العدلي مرور الكرام، رغم أنها بدت في السياق الذي وُضِعت فيه منطقيّة، إلا أنّها تدلّ على “تباعد” يكاد يصبح “راسخًا” بين الفريقين، رغم كلّ محاولات التقليل من شأنه، لا سيّما وأنّ الوزير السابق جبران باسيل لا يفوّت فرصة، في الآونة الأخيرة، إلا ويجدد الحديث عن وجوب “إعادة النظر” بتفاهم مار مخايل، وقد يكون هنا بيت القصيد!.