اختتمت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية مشروع “تمكين النساء في صنع القرار المحلي” الذي نفذته ضمن البرنامج الإقليمي لـ”GIZ”، “تمكين النساء في صنع القرار في الشرق الأوسط” “LEAD” الممول من الحكومة الألمانية، وذلك خلال لقاء افتراضي بدعوة من رئيسة الهيئة الوطنية كلودين عون.
افتتح اللقاء بكلمة للسيدة عون قالت فيها: “يبدأ العمل السياسي بالاطلاع على قضايا الشأن العام وبالرغبة في تحسين شروط إدارته ويشمل المشاركة في اختيار القيمين عليه كما يشمل المشاركة في اتخاذ القرار بشأنه. يغطي نطاقه المجالين الوطني والمحلي كما يغطي النشاط الحزبي والإعلامي والثقافي. ويتميز العمل السياسي بأنه لا يقتصر على احترام لمبادئ وعلى أمانة لمواقف أو على بلاغة في التعبير، بل هو أيضا فن في التعاطي مع الغير وفي حسن الأداء وتحقيق الأهداف. وكما كل الفنون يستدعي العمل السياسي مؤهلات شخصية يتم عادة إيجازها بالقول بأنها مهارات “قيادية”، منها الثقة بالذات والقدرة على الإقناع وسهولة التعبير والتواصل وغيرها. كذلك يستدعي النجاح في تأديته، مؤهلات “تقنية” تشمل الإحاطة بالأطر الناظمة للمؤسسات وحسن الإدارة والقدرة على تنفيذ ما تم التخطيط له”.
اضافت: “تقليديا لم تكن هذه مؤهلات يتم تشجيع الفتيات والنساء على اكتسابها. ومع أن الأمر تغير مع إثبات النساء في لبنان نجاحهن في كل المجالات وخصوصا في مجالات المهن الحرة، ظل مجال العمل السياسي على النطاق المحلي كما على النطاق الوطني وكذلك في النشاط الحزبي مغيبا إلى حد كبير في لبنان لحضور النساء. ونحن في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ندرك أبعاد هذا التغييب للعنصر النسائي عامة عن العمل السياسي ونعمل على معالجة أسبابه”.وتابعت: “بالاتفاق مع مؤسسة GIZ، اختارت الهيئة أن يكون نطاق “تمكين النساء في صنع القرار المحلي” هو النطاق الذي تعتمده لتنفيذ البرنامج الإقليمي الذي تقوم به GIZ بتمويل من الحكومة الألمانية “لتمكين النساء في صنع القرار في الشرق الأوسط” المعروف ببرنامج LEAD. وقد أتى هذا الاختيار للنطاق المحلي وهو في لبنان، نطاق العمل البلدي، انسجاما مع الاهتمام الذي تعيره الهيئة لمشاركة النساء في المجالس البلدية التي ترعى إدارة الشأن العام على الصعيد المحلي. وقد تجلى هذا الاهتمام في استراتيجية المرأة في لبنان المعتمدة رسميا، كما في الخطة الوطنية لتنفيذ القرار 1325 حول المرأة والسلام والأمن. ونذكر في هذه المناسبة أنه سبق لمجلس النواب في العام 2017 أن تجاوب مع مطلب الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، وأتاح للمرأة المتزوجة الترشح لعضوية المجلس البلدي في البلدة التي تنتمي إليها قبل الزواج، قبل نقل سجلها الشخصي إلى بلدة زوجها. وسوف تكون الانتخابات البلدية المقبلة، أول انتخابات يطبق فيها هذا القانون. وعلى صعيد آخر، تعمل الهيئة حاليا على وضع مشروع إصلاحي لقانون انتخاب المجالس البلدية لتضمينه كوتا نسائية. ونعتبر في الهيئة الوطنية أن العمل البلدي هو النطاق الأول الذي للمرأة كما للرجل أن تبدي فيه اهتمامها بالشأن العام وبالمصلحة العامة، انطلاقا من واقع العيش”.واردفت: “نختتم اليوم برنامجا رمى إلى تعزيز دور النساء في المجالس البلدية وتميز بأنه انطلق من حاجات واقعية شملت مجالات متنوعة، كان منها الدورات التثقيفية والتدريبية لتطوير المؤهلات الشخصية والتقنية والتنموية وتنمية قدرات التواصل لدى النساء في البلديات، كما شملت الحاجة إلى العمل في نطاق البلدية على تطوير مقاربة الشباب لقضايا المرأة وعلى تحسين بيئة العمل فيها بالنسبة إلى النساء. وتميز أيضا هذا البرنامج الذي استغرق تنفيذه سنة كاملة بأنه تناول الحاجات التمكينية للنساء في النشاط البلدي من زوايا مختلفة، وأتت مكوناته متشعبة اعتمدت على العمل على نقل المعرفة وتطوير المهارات، كما اعتمدت على الاختبار الفعلي لمبادئ وطرق العمل المكتسبة من جانب السيدات المتدربات”.واشارت الى ان “هذا المشروع تضمن ستة مكونات تم تنفيذها خلال فترة شديدة الدقة مر بها لبنان تراكمت خلالها الصعوبات اللوجستية لجهة تأمين المواصلات والتواصل الإلكتروني وطغت فيها الاهتمامات المعيشية على سائر الاهتمامات. وعلى الرغم من صعوبة الظروف، تم في إطار هذا المشروع تنفيذ برنامج التوجيه الذي استفادت في إطاره 14 سيدة من أعضاء المجالس البلدية في مناطق مختلفة من مساعدة شخصية وفرتها لكل منهن، 14 سيدة ناجحة في مجال اختصاصها شاطرتهن تجربتها في تخطي التحديات. وقد أتاح المشروع للسيدات المتدربات تثبيت اكتسابهن للمهارات عبر توفير الدعم المالي لهن لتمويل نشاط تناول الحفاظ على الصحة النفسية، في ظل الضغوطات التي نتعرض إليها جراء الأزمات التي تراكمت خلال انتشار وباء كوفيد 19 وإثر إنفجار مرفأ بيروت”.وقالت: “وتم إنجاز هذا البرنامج بالشراكة مع “الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب”، LOST، ونذكر من النشاطات التي نفذتها السيدات في البلديات في إطار هذا المشروع، إعادة تأهيل حدائق عامة في البلديات، تنظيم دورات تأهيلية في مجال التنمية النفسية – الاجتماعية، ونشاطات ترفيهية للأولاد وسواها من نشاطات تمحورت حول توفير بيئة اجتماعية مؤاتية للمساعدة على التمكن من تخطي الصعوبات. كذلك تم تنفيذ مشروع دعم قدرات النساء في البلديات بتعاونهن مع زملائهن الرجال والشباب في البلدة في تصميم مشروع ورسم خطته وتنفيذه في إطار المساهمة في التنمية المحلية، ونذكر من بين هذه المشاريع التي بلغ عددها 12 مشروعا، تم تمويلها أيضا في إطار برنامج LEAD، إعادة تأهيل ملاعب بلدية وتحديث تجهيزاتها، توفير تجهيزات طبية لمستوصفات، تزويد بعض البلدات بإنارة للشوارع بواسطة الطاقة الشمسية وتنظيم دورات لرفع قدرات النساء الإدارية وزيادة مشاركتهن الفعلية في المجلس البلدي، وسواها من المشاريع”.ولفتت الى انه ” نظرا إلى الطاقة المضافة التي تنبثق عن الروابط التي تنشأ بين الزملاء، ولأن الأمر ينطبق أيضا على النساء الناشطات في البلديات، تضمن برنامجنا أيضا إقامة شبكة لتسهيل التواصل بين السيدات في البلديات وبين الناشطين والناشطات في مجال التنمية المحلية. ولم تغب أيضا عن البرنامج ضرورة تعريف الشباب بالحقوق الإنسانية التي للمرأة أن تستفيد منها، وبمواقع الغبن التي لا تزال تتضمنها القوانين المرعية الإجراء. وقد تم في إطار برنامجنا أيضا تطوير أداة تثقيفية هي عبارة عن مسابقة اختبارية للمعلومات في مجال قضايا المرأة تتم المشاركة فيها إلكترونيا. ومتابعة لتدقيق سابق لمراعاة مقاربات النوع الاجتماعي في بلديتي صيدا وجزين أجرته الهيئة بدعم من GIZ، شمل ايضا برنامجنا ل”تمكين النساء في صنع القرار المحلي”، تنفيذ التوصيات التي تضمنها التقريران التدقيقيان المذكوران ومنها، رسم سياسة ووضع آلية متابعة للشكاوى في حالات التحرش الجنسي، واقتراح خطط عمل للبلديات تراعي النوع الاجتماعي وحاجات الإنماء المحلي. وأخيرا وحرصا على الفائدة من نشر المعرفة بهذا المشروع الذي مثل اختبارا ناجحا لتشجيع مشاركة النساء في العمل البلدي تم إنتاج مواد إعلامية سمعية وبصرية تلخص نتائج المشروع وتعرض سبل تخطي الصعوبات التي واجهت تنفيذه”.أضافت: “لم يكن لهذا المشروع ان ينجح لولا تجاوب المجالس البلدية مع أهدافه ونشاطاته. فللبلديات الإثنين والثلاثين التي شاركت في تنفيذه نتوجه بالشكر لتأييدها لإرتقاء النساء إلى المراكز القيادية في الحكم المحلي ونحن على يقين أن رهان بلداتنا العزيزة على قدرات نسائها لن يخيب وسوف يتجلى بنجاح المبادرات الإنمائية التي لنا امل كبير في أن تتكاثر في مناطقنا على يد النساء. أود أيضا أن أثمن الجهود التي بذلها في هذا المشروع جميع الذين شاركوا في تنفيذه وأخص بالذكر فريق العمل في كل من GIZ وLOST والهيئة الوطنية. وأود هنا أن أنوه بالسيدات الموجهات اللواتي ساهمن في إنجاح البرنامج وفي بث الثقة لدى المتدربات في أحلك الظروف. فهن بتقديم خبراتهن، أحيين روابط التضامن بين فئات المجتمع وبين المناطق وساهمن في ترسيخ قدرات مجتمعنا على الصمود”.