بعيدا عن المسار القانوني في ملف تحقيقات المرفأ والقاضي طارق البيطار، وصحته من عدمها، لا يمكن اغفال فكرة ان هناك كباشا يحصل منذ اشهر طويلة بين “حزب الله” والاميركيين على الساحة اللبنانية، اخذ طابعا مباشرا بعد سنوات من الصراع الخفي وغير المباشر، ووصل اخيرا الى قضية القاضي البيطار.
لا يمكن النظر الى إصرار “حزب الله” على فتح مواجهة مباشرة مع القاضي البيطار ، الا في سياق سعيه لتظهير مواجهته مع الاميركيين، فالحزب يعتقد ان كشف هذه المواجهة يعني كشف الدور الاميركي فيها.من وجهة نظر “حزب الله” فإن الاميركيين يستمدون جزءا من فاعليتهم السياسية من كونهم يعملون في الظل ولا يظهرون في المواجهة السياسية الا من خلف الكواليس، وهذا ما لا يرغب به الحزب خصوصا بعد تجربة ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩.
يرى “حزب الله” انه في صراع العام ٢٠٠٥ وما بعده، استطاع نقل المواجهة السياسية والاعلامية مع الاميركيين الى مواجهة مباشرة معهم ما عطل اهداف واشنطن وكبلها وأفشل مساعيها السياسية في تلك الفترة، وهذا ما يسعى لتكراره اليوم.لم يكن كلام رئيس المجلس السياسي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين نابعا من فراغ، فالحزب يريد مواجهة الاميركيين في داخل ادارة الدولة اللبنانية، لان واشنطن استطاعت، خلال الاشهر الماضية، تسجيل عدة نقاط مستفيدة من نفوذها في هذه الادارة.انطلاقا من نظرية الهجوم بمعرض الدفاع، يعمل الحزب على فتح باب الاشتباك نحو نفوذ واشنطن بالادارة، بدل ان يدافع عن وجوده هو في المؤسسات الذي من الممكن ان يُمس في حال خسر مع حلفائه الانتخابات النيابية.اذا، يتخطى الاشتباك حول القاضي البيطار، قضية العدالة وحتى قضية الدفاع ومساندة الحلفاء، بل هو عملية اشتباك مباشرة بدأ بها الحزب مع الاميركيين واعلن عنها صراحة في اكثر من مناسبة، وهذا ما قد لا ينتهي قريبا.
