كان يمكن لقرار رفض مجلس نقابة المحامين ترشّح عضوين من أعضاء الهيئة العامة، أن يمر مروراً عادياً، لكن حين يطال هذا الرفض عضو مجلس نقابة المحامين في بيروت السابق المحامي زاهر عازوري الذي استقال بتاريخ 20 نيسان 2018، إعتراضاً على سرّية عقد التأمين الإستشفائي وعدم معرفته بمضمونه في مجلس النقابة قبل توقيعه، وعضو لجنة متابعة موضوع التأمين الإستشفائي في النقابة المحامي جاد طعمة اللذين خاضا معارك طاحنة مع مجلس النقابة السابق، وكانا من عداد المحامين الذين تقدموا بدعوى بطلان المصادقة على البيانات المالية التي عُرضت على الجمعية العامة في تشرين الثاني من العام 2018 لتمرير العجز الناتج عن فضائح ملف التأمين الإستشفائي وفازوا بالدعوى المقدمة من ٢٩ محامٍ من بينهم نقيبين سابقين، فهذا الرفض لا يكون عفوياً أو إعتباطياً.
في هذا السياق لا يجب إغفال أن المحامي إبراهيم مسلّم حقّق مفاجأة بفوزه بعضوية مجلس النقابة بنحو 1500 صوت من دون تنظيم حملة إنتخابية كتلك التي نظمها منافسوه، علماً أنه كان عضو لجنة متابعة ملف التأمين الإستشفائي قبل تقديمه استقالته إعتراضاً على مسار الأمور داخل مجلس نقابة المحامين في بيروت.
خلال العام الجاري، أعلن نقيب المحامين ملحم خلف أنه تمّ طيّ صفحة التأمين الإستشفائي بعد خلوات عدة إتّسمت بطابع السرّية وأدّت إلى إلغاء العجز الذي ناهز في فترة من الفترات 23 مليون دولار أميركي، شاكراً الأبطال من النقباء السابقين، ومتجاهلاً عن عَمد ذكر النقيب الراحل عصام كرم الذي بذل الكثير من الجهد والوقت لفضح شوائب هذا الملف.
مجلس النقابة كان واثقاً أن القرارين بحق عازوري وطعمه لن يُفسخا، إلا أن محكمة الإستئناف المدنية الناظرة بالقضايا النقابية برئاسة القاضي أيمن عويدات فاجأت المجلس بفسخ القرارين واعتبار الترشيحين قانونيين، ما يُنذر بعودة إثنين من “صقور” ملف التأمين الإستشفائي الى دائرة التنافس، الأمر الذي قد يؤدي إلى “نزع طبخة مجلس النقابة والنقيب”.في تعليق على رفض طلبي الترشيح، يسأل المحامي فادي جمال الدين من نادي الحقوقيين: “لماذا يُرفض طلب ترشيح المحامي جاد طعمة؟ وعليه لماذا كان يُسمح له اذاً بممارسة مهنة المحاماة؟
ويضيف: “هل من الإنصاف إحالة المحاميَين نبيل يونس وفادي مغيزل على المجلس التأديبي بسبب ممارستهما حق الإعتراض، علماً بأن الجميع يشهد على مناقبية هذين الزميلين ومثاليتهما وأخلاقيتهما؟”.
ويتابع جمال الدين: “لماذا صدر بحق المحامي زاهر عازوري قرار منع مزاولة المهنة بسرعة قياسية في ظل إضراب المحامين الذي استمر أشهراً ورُفض ترشيحه بالرغم من عدم إنبرام القرار؟
ويختم تساؤلاته بالقول: “يبدو أن النقابة كالبلد… راح كل شي”.
في المحصلة، ما ورد أعلاه كلام غير عادي من محام مخضرم يؤشر الى وجود خلل في الأداء النقابي وقمع لحرية الرأي والتعبير، مع الإشارة الى أن قرار مجلس النقابة شكّل صدمة في أوساط المحامين، ذلك لأن نقيب المحامين ملحم خلف، رغم تمسكه بكونه نقيباً لكل المحامين، الا أنه جرى إطلاق لقب “نقيب الثورة” عليه، فكيف سمح بتمرير قرار مخالف للقانون بحق أحد المحامين البارزين من محامي الثورة والذي جرى ترشيحه عبر عريضة موّقعة من حوالى 100 محام؟
في ظل وجود 42 مرشحاً يتنافسون على تسعة مقاعد لعضوية المجلس، منهم تسعة يتنافسون على مركز نقيب في حال نجاحهم في العضوية، يمكن إعتبار أن معركة الإنتخابات في نقابة محامي بيروت ستكون من المعارك البالغة الدقة والأهمية، فهل ستعيد “عميدة النقابات في لبنان” سيناريو نقابة المهندسين؟