“إنتفاضة 17 تشرين” تطفىء شمعتها الثانية… لم يتحقّق شيء!

17 أكتوبر 2021
“إنتفاضة 17 تشرين” تطفىء شمعتها الثانية… لم يتحقّق شيء!

تحل اليوم الذكرى السنوية الثانية لـ”إنتفاضة 17تشرين الأول” فيما لا تزال البلاد تهتز على وقع الاضطرابات السياسية والاقتصادية، وآخرها أحداث الطيونة التي أثرّت تداعياتها سلبًا على عمل حكومة “معًا للإنقاذ”، التي كانت قد بدأت تتلمس طريقها نحو الحلحلة الممكنة بالنسبة إلى تحقيق ما كانت تطالب به “الإنتفاضة” لناحية تأمين المستلزمات الضرورية لعيش لائق وكريم، خصوصًا بعدما أصبحت السوق الموازية لأسعار الدولار الأميركي تتحكّم بتفاصيل حياة اللبنانيين، الذين فقدوا أدنى مقومات الصمود والعيش كما بقية الشعوب حتى في الدول التي لا تُصنّف في خانة دول العالم الثالث. 

في ذاك اليوم، ومنذ سنتين، إنفجر غضب الشعب في وجه السلطة احتجاجًا على إحتمال زيادة تعرفة مخابرات “الواتساب” 10 سنتات. وقد تحّولت هذه الإحتجاجات بسرعة قياسية إلى ما يشبه “الثورة” الحقيقية، حيث إنطلقت من العاصمة بيروت وتوسعت لتعمّ معظم أنحاء البلاد، في مشهد عكس توحّد الشعب اللبناني خلف المطالب ذاتها وضد الطبقة السياسية. 
ومن أبرز المطالب والشعارات التي نادى بها المحتجون حينها إصلاحات اقتصادية واجتماعية ورحيل ومحاسبة الطبقة السياسية، متهمين إياها بالفساد. 

وعلى رغم أن هذه التظاهرات دفعت بالرئيس سعد الحريري إلى تقديم استقالة حكومته، بعد 12 يومًا على اندلاع شرارة “الإنتفاضة”، استمرت الاحتجاجات عدة أشهر قبل ان تتراجع في ربيع 2020 تزامناً مع تفشي وباء كورونا. 
بعد مرور سنتين على إنطلاقة هذه “الإنتفاضة”، لم تتحقّق مطالب مجموعات الحراك المدني، التي نخرتها السياسة من الداخل وحرفت توجهاتها، بإستثناء قلّة ما زالت مؤمنة بما تطالب به، وهي تعتبر نفسها في منأى عن التجاذبات السياسية التي عصفت بأهداف وتوجهات مجموعات كثيرة، تبّين أنها ستكون “نسخة طبق الأصل” عن السلطة الفاسدة”، وذلك بسبب دخولها في “الزواريب” السياسية نفسها التي كانت تدّعي أن حركتها قامت من أجل إسقاط كل المنظومة الحاكمة تحت شعار “كلن يعني كلن”، ليتبيّن لاحقًا أن هذا الشعار لم يكن سوى شمّاعة لدى البعض ليعلّقوا عليها مصالحهم الضيقة، تمامًا كما كانت عليه الحال مع المنظومة السياسية المتهمّة بالفساد”. 
ولكن، وإستعارة لشعار “الثورة”، ولكن بطريقة معكوسة، نقول أن ليس كل من سلك طريق هذه “الثورة” أو “الإنتفاضة” أو “الحراك” ينطبق عليه الشعار نفسه، أي “كلن يعني كلن”، لأن ثمة مجموعات لا تزال تناضل بكل شفافية ونقاوة من أجل تحقيق ما تطالب به، وبما هي مقتنعة من أنه الطريق الصحيح للوصول إلى تغيير حقيقي وشامل. 
وعليه، فإن تلك المجموعات تستعد لإعادة إحياء “نبض الشارع”، بعدما خفت وهج تلك التحركات والتظاهرات، التي دخلت على خطّها الأحزاب السياسية التقليدية، وحاولت تشويه صورتها، وذلك بالتزامن مع ذكرى اندلاع “الثورة”، لأن ما بدأ قبل سنتين لم يصل إلى خواتيمه، خصوصًا أن الطبقة السياسية تحاول تعويم نفسها مجددا، على حد تعبير عدد من الناشطين، على رغم الظروف السياسية المعاكسة، وبالتحديد بعد إنفجار الرابع من آب العام 2020، وما تركه من تداعيات سياسية وقضائية، وما يمكن أن تؤدّي إليه التدخلات السياسية في المسار القضائي، الذي نعتقد أنه لن يصل إلى أي حقيقة، وسينضم شهداء المرفأ، وهم من كل الطوائف والمناطق، إلى قافلة الشهداء الذين مُيعّت قضاياهم، التي لم تصل التحقيقات إلى ما يروي غليل أهاليهم المكتوين بالجمرة، التي لا تحرق إلاّ مكانها. 
ولغاية إعادة البض إلى الشارع، شهد وسط العاصمة بيروت منذ مطلع الشهر الجاري وقفات احتجاجية يومياً من جانب مجموعة من الناشطين، استعداداً لما تُسمّيه المجموعات التي لا تزال تناضل عن إيمان، “اليوم الكبير”، حيث ستستحضر خلالها الشعارات والهتافات ذاتها التي رُفعت قبل سنتين. 
وإلى عام ثالث يُطوى كما غيره إن لم تفعل الإنتخابات النيابية في نهاية آذار فعلها وتغيّر ما يجب تغييره. 
ومع أن عدد المشاركين في الوقفات اليومية خجول جداً مقارنة بالسابق، فإن القائمين على تلك التحركات يأملون بمشاركة شعبية أوسع في في يوم إحياء ذكرى الانتفاضة، بحسب ما يقول هؤلاء الناشطون. 
ولاستعادة زخم التظاهرات، يعوّل الناشطون على غضب الناس من استمرار تردي الأوضاع المعيشية بشكل غير مسبوق، في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تعصف بالبلاد منذ أواخر 2019. 
ويقول هؤلاء الناشطون أن هناك سعياً من جانبهم من أجل إعادة النبض إلى الشارع بعدما انقطع مؤخراً على وقع جائحة كورونا والأزمة المعيشية اللتين أبعدتا الناس من الساحات، حيث سيجدد المحتجون مطلبهم بتغيير هذه الطبقة السياسية لأنهم يعتبرون أنها هي المشكلة في البلاد، وبالتالي لا يمكن أن تكون جزءًا من الحل.