شدّ العصب “ضرورة عونية”.. والعودة إلى مجلس الوزراء “أكثر من مُلحة”

17 أكتوبر 2021
شدّ العصب “ضرورة عونية”.. والعودة إلى مجلس الوزراء “أكثر من مُلحة”

على غرار سوابق ماضية عند المنعطفات الحادة، أراد رئيس الجمهورية ميشال عون نزع فتيل الانفجار السياسي نتيجة عمل المحقق العدلي في قضية المرفأ القاضي طارق البيطار، فقام برفع جلسة المجلس الوزراء الأخيرة. وعليه، فإنه من المنتظر أن يستمر تعليق عقد الجلسات حتى إيجاد المخارج الملائمة خصوصاً بعدما لامس الخطر حد تهديد السلم الاهلي وفق نظرية طارئة على العمل السياسي في لبنان  قوامها تعطيل المؤسسات الدستورية وليس تفعيلها عند مواجهة المخاطر الوطنية.

 
 من البديهي القول، ان نهج “تعطيل عقد جلسات الحكومة خوفاً من انفجار الخلاف داخلها ” تحوّل إلى  عادة مستجدة عند أهل السلطة من أجل  ابرام التسويات او إيجاد الحلول خارج المؤسسات الدستورية ، كما حصل سابقا عند وقوع  أحداث قبرشمون مرورا  بثورة 17 تشرين الاول 2019 حتى حكومة حسان دياب الماضية وصولا إلى الحكومة الحالية التي لم يجف حبر نيلها الثقة بعد.

في هذا المجال، تحاول أطراف الحكم الاستفادة من عامل الوقت من أجل ترتيب الأمور قبيل انتهاء عطلة ذكرى المولد النبوي الشريف، خصوصا و ان تنحية القاضي البيطار  الذي بات مطلبا سياسيا ملحا عند “الثنائي الشيعي” بعد أحداث الطيونة  هو خارج صلاحيات الحكومة بشكل قاطع ،  والمفاوضات الجارية  بين قصر بعبدا وعين التينة وحارة حريك لم تفض إلى نتيجة حاسمة بقدر كل توحي الاتصالات عن عقبات و تعقيدات.
 
الاجواء السياسية توحي بنزاع صامت بين طرفي إتفاق مار مخايل، حزب الله لن يرضى بأقل من تنحية البيطار فيما رئيس الجمهورية وتياره السياسي يحاولان تدوير الزوايا من دون الاطاحة بالبيطار نظرا لمحاذير القرار وتداعياته سياسيا وانتخابيا ، ولكن هذا التباين لا يعني الوصول إلى سقوط التحالف والافتراق الكامل.
انطلاقا من ذلك ، عمد النائب جبران باسيل في خطاب ذكرى ١٣ تشرين الى تصويب هجومه السياسي على “القوات اللبنانية” ، انطلاقا من حسابات محلية وأبعاد إقليمية ، حيث تردد بأن تقويما سياسيا داخل الدائرة العونية الضيقة أفضى إلى ضرورة شد العصب المسيحي في الداخل كما الانفتاح على سوريا  نظرا لارتباط ذلك بالاستحقاقات المقبلة.
 
بالمقابل، ترى أوساط سياسية متابعة بأن “التيار الوطني الحر” جعل الحسابات الانتخابية أولوية مطلقة، ما اوقعه في الازدواجية بالتعاطي مع أداء القاضي البيطار  خصوصا بعدما منع اعطاء الاذن بملاحقة اللواء طوني صليبا ثم لجأ إلى دعم البيطار عندما أصدر مذكرة توقيف بحق النائب علي حسن خليل.
اكثر من ذلك، تشير الاوساط إلى أن منطق المزايدة ساهم في رفع أسهم حركة امل الانتخابية ، وهذا ما يعتبر سقطة سياسية من جانب “التيار ”  الذي يرغب بالحفاظ  على  لقبه كونه اكبر كتلة نيابية عبر التحالف مع حزب الله وحلفائه.
بالخلاصة، كل الحلول الممكنة  لا تعدو  كونها سبلا تصب بضرورة العودة إلى طاولة مجلس الوزراء، وليس من طرف سياسي في لبنان له مصلحة في افشال الحكومة كونها الفرصة الانقاذية الوحيدة، فمنطق التعطيل والتسويف لا يفضي سوى الا مزيد من الاستعصاء في الواقع السياسي بينما وضع لبنان لا يحتمل والجميع يدرك ذلك.