“تصرّف صحّ” كلمتان تختصران “سلطة” مجلس القضاء الأعلى على البيطار

20 أكتوبر 2021
“تصرّف صحّ” كلمتان تختصران “سلطة” مجلس القضاء الأعلى على البيطار

كتبت غادة حلاوي في” نداء الوطن”: يؤكد مجلس القضاء ان التدخل في عمل اي قاض او حتى سؤاله عن مجريات عمله لا يدخل في صلب صلاحياته. لكن الملف وبوصفه تحول الى قضية رأي عام صار بحثه مفروضاً امام اعضاء المجلس للتداول في الملابسات السياسية والقضائية المحيطة به وبما لا يزيد عن حدود صلاحياته. تلك الصلاحيات التي يحرص القاضي عبود على عدم تجاوزها رغم المنحى الخطير الذي اتخذته القضية. جرت العادة قضائياً ان يكون القاضي حر التصرف في ملفه من دون مونة او تدخل اي جهة حتى ولو كانت اعلى سلطة قضائية. طوال الفترة الماضية ورغم كل الضجة التي اثيرت حول عمل البيطار آثر مجلس القضاء الاعلى التزام الصمت، لم يطلب القاضي عبود مقابلة البيطار الذي لم يزر المجلس منذ ما يزيد على الشهر.. لا سلطة على القاضي للتدخل في عمله او نصحه او تنحيته او حتى سحب الملف من يده عملا بأحكام القانون، في هذا الوقت يصعب عليه تحديد او الحكم على عمل لم ينته الى خلاصة توضع بين يدي رئيسه. وحين يصبح قراره الإتهامي جاهزاً ويرفع الى المجلس العدلي فلكل حادث حديث.

منذ بداية مشوار عمله، وصية وحيدة تناهت الى مسامع البيطار من رئيس مجلس القضاء، مختصرها كلمة تقول “تصرف صح”. والصح هنا يفترض مراعاة احكام القانون في التبليغ وعدم التسييس وعدم الاتصال مع اي طرف من اطراف القضية الجاري النظر بها والا يتحول القاضي الى طرف. ربما ارتكب البيطار اخطاء في التحقيق او ان خطواته كانت ضرورية، الحكم على ذلك غير ممكن قبل الاطلاع على مجريات التحقيق والخطوات التي اتخذها والتي بنى على اساسها قراره الظني وبعدها يبنى على الشيء مقتضاه.

لا شك يلاحظ مجلس القضاء الأعلى قبل غيره كيف تحول ملف التحقيق في جريمة المرفأ الى قضية رأي عام تستوجب التزام القاضي حد القانون، بعيداً من تصفية حسابات سياسية مع الطبقة السياسية حتى ولو كان ذلك حاجة شعبية. واذا كانت بنيت آمال كثيرة على المحقق العدلي في قضية المرفأ، والقاضي غير المشكوك بنزاهته، فإن المطلوب منه ان يحقق امنية الغالبية الساحقة من اللبنانيين بأن يكون العدل هو الاساس، وعمله يضع سمعة القضاء وهيبته على المحك.