يترقّب لبنان نتائج زيارة الوسيط الاميركي في ملف الحدود البحرية الجنوبية والمبعوث لشؤون النفط، آموس هوكشتاين، إلى مصر والأردن وبعدهما إلى إسرائيل، إذ يعمل على ملفّين أساسيين، بحسب معلومات “الأنباء”: البحث في إيصال الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا، مع الإعلان عن استعداد واشنطن لمنح لبنان استثناءات من عقوبات قانون قيصر، فيما الملف الثاني هو العمل على الوصول إلى تسوية سريعة لملف ترسيم الحدود، واستئناف المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في الناقورة بعد جولات مكوكية سيقوم بها للوصول إلى حلّ”.
وشدد مصدر مطلع على ملف الترسيم لـ”البناء” إلى أن “لا اتجاه لدى رئاسة الجمهورية إلى تعديل مرسوم تعديل الحدود حتى الساعة في ظل إصرار الأميركيين على عدم توقيعه لئلا يعرقل المفاوضات ويستفز الجانب الإسرائيلي ويؤدي إلى انسحابه من المفاوضات”، لكن المصدر لفت إلى أن “هذا سيضعف الموقف الرسمي اللبناني في أي مفاوضات، في المقابل توقيع المرسوم وإبلاغه إلى الأمم المتحدة يثبت حق لبنان ومن ثم ينطلق لبنان بجولة مفاوضات جديدة من موقع قوة”.
وربط المصدر بين حضور الوسيط الأميركي وبين حاجة إسرائيل إلى بدء استخراج الغاز في حقل كاريش أو بلوك 9 اللبناني لكنها لن تحرق الأوراق وستسعى إلى تحقيق مكاسب إضافية في البلوك 9 وتوسيع مساحتها في مقابل التهديد ببدء التنقيب لابتزاز لبنان ودفعه لللتنازل، مشيراً إلى تنسيق أميركي – إسرائيلي في هذا الملف، لا سيما أن الوسيط الجديد ذو أصول يهودية وتربطه علاقة جيدة مع إسرائيل، وتوقف المصدر عند تطمينات الوسيط للمسؤولين اللبنانيين بأن الولايات المتحدة ستفعل خط الغاز المصري إلى لبنان، واضعة ذلك في إطار سياسة الترهيب بالعقوبات والترغيب بمسألة الغاز المصري، ووضع لبنان بين خيارات صعبة: التنازل عن الخط 29 مقابل تفعيل الغاز من مصر، أو منع لبنان من الاستفادة من ثروته النفطية والغازية فيما تمضي اسرائيل بالتنقيب في المساحة المتنازع عنها. وعُلِم أن المسؤولين تلاقوا على رفض العرض الأميركي بتكليف شركة أميركية للتنقيب في المساحة المتنازع عنها وتوزيع العائدات المالية بينهما.
وذكرت “الأخبار” أن رئاسة الجمهورية أبلغت الوسيط الأميركي أن لبنان مصرّ على الحصول على كامل حقل قانا، لافتة إلى أن هذا الأمر يتحقق بالسير باقتراح خط الوسط مع إعطاء نصف تأثير لصخرة تخيليت المحاذية للشاطئ الفلسطيني الشمالي. وهذا الاقتراح سبق أن عرضه قائد الجيش العماد جوزيف عون على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في نيسان الماضي، معتبراً أن هذا الخط هو الكفيل بالتوصل إلى حل عادل يرضي الجميع، كون الجانب اللبناني يريد كامل حقل الغاز (قانا) في البلوك 9، بينما تريد إسرائيل كامل حقل كاريش وسط رغبة الجانب الأميركي بنجاح المفاوضات لبدء شركات النفط العمل في المنطقة. وتشير مصادر المؤسسة العسكرية إلى أن هذا الخط يُخرج من التداول اقتراح هوكستين القاضي بتكليف شركة التنقيب في الحقول المشتركة، ثم توزيع الحقوق المالية بعد عقد اتفاق برعاية أميركية بين لبنان وكيان الاحتلال. فحقل قانا هو الحقل المشترك الذي يتحدّث عنه هوكستين، كونه يمتد تحت الخط 23. وفي حال حسم ملكيته للبنان كاملاً، لن تبقى هناك أي حاجة لأي إجراءات مشتركة بين لبنان والعدو.
اضافت “الاخبار” ان الخلاف اللبناني لا يقتصر على القوى السياسية فحسب، بل يمتدّ إلى المؤسسة العسكرية التي تقول مصادرها إن “هناك استياء وعتباً كبيرين لدى الوفد المفاوض الذي يعتبر التراجع عن مفاوضات الناقورة وتبديل طبيعة الوفد من عسكري إلى سياسي ومدني، أو حصر التفاوض بالوسيط الأميركي، أمراً خطيراً يندرج في إطار التطبيع”. وفي هذا الإطار، أوضحت المصادر بأنه لا يوجد ربط بين إحالة العميد بسام ياسين إلى التقاعد وبين رئاسته للوفد، فهو عملياً لا يزال رئيساً للوفد ولم يصدر قرار بتنحيته، وأن النقاش اليوم يدور حول إبقائه رئيساً للوفد كمدني أو استدعائه من الاحتياط كعسكري، في حال لم يُتخذ قرار بتسمية آخر.
وكشفت مصادر مطلعة أن هناك نقاشات تجرى داخل المؤسسة العسكرية في ما خص المفاوضات، وأن قائد الجيش جوزيف عون يقول إنه لا يريد أن يكون كبش محرقة، في حال كانت القوى السياسية تنوي الذهاب إلى تسوية مع الأميركيين في ملف الترسيم، مشيرة إلى أنه في حال كان الموقف اللبناني هو الانطلاق من الخط 29 واعتباره تفاوضياً لتحصيل أكثر من الـ 860 كيلومتراً، فهذا الأمر مقبول ولن يعترض عليه الجيش وسيبقى ضمن الوفد في حال استمرار المفاوضات في الناقورة، أما في حال الانطلاق في التفاوض من الخط 23، فإن المؤسسة ستقدم ما لديها من دراسات وتكتفي بهذا القدر،
وذكرت “اللواء” ان “هوكشتاين غادر لبنان امس الاول، مسروراً لأنه لمس للمرة الاولى موقفاً لبنانياً موحّداً حول مقاربة ترسيم الحدود البحرية، بعد اللغط والخلاف حول تعديل المرسوم 6433 ليصبح خط الحدود منطلقاً من النقطة 29 بدل النقطة 23”.
وقالت مصادر على إطلاع واسع على الملف ان “الموقف اللبناني الموحد يتمثل بالموافقة على التفاوض انطلاقاً من تثبيت حصة لبنان في مساحة 860 كيلومتراً مربعاً اي من النقطة 23 التي تم وضع المرسوم 6433 على اساسها، اما المناطق المختلف عليها مع الكيان الاسرائيلي فهي قابلة للنقاش بما يضمن حقوق لبنان فيها، لكن لبنان سيرفض فكرة اسرائيل قيام شركة عالمية بالتنقيب عن النفط والغاز واستخراجه من المناطق المختلف عليها وتوزيع العائدات بنسبٍ معينة على الجانبين مع ان احداً لم يطرحها رسمياً”.
وأوضحت ان “هوكشتاين لم يطرح اي فكرة او اقتراح بل كان مستمعاً للموقف اللبناني”، ولكنه اشار الى إمكانية إعتماد خط متعرج في المناطق المختلف عليها بدل الخط الثابت للحدود، فكان الموقف اللبناني ان كل شيء قابل للنقاش شرط ضمان حقوق لبنان كاملة.