أهل بيروت لن يقبلوا بأن تكون العدالة انتقائية

24 أكتوبر 2021
أهل بيروت لن يقبلوا بأن تكون العدالة انتقائية

 ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس.بعد الإنجيل، قال: “كانوا ينادون بالحقيقة والعدالة، لكن ما إن لاحت بوادرها، حتى ارتاعوا وشمروا عن سواعدهم لوأدها قبل أن تظهر إلى العلن، وتطيح بالمسؤولين الفعليين عن خراب البلد وتفجيره وإحراقه وانهياره إقتصاديا وأمنيا وبيئيا وتربويا وصحيا وأخلاقيا. عندما بدأ النور يبزغ بصمت وخفر، فوجئنا بالظلمة تدهمه بضجة خطابية تارة، وأزيز مرعب طورا، واختلاق ملفات أحيانا، ترهيب قمعي دائما، ومحاولة النيل من كل من يتجرأ على الانتقاد أو الرفض أو المواجهة، بغية التذكير بأن الشيطان هو سيد هذا العالم. لكننا نذكرهم بأن المسيح طرده بصلبه وموته وقيامته (يو 12: 31)”.

أضاف: “أهل بيروت لن يسكتوا ولن يتراجعوا عن مطالبتهم بالحقيقة ولن يقبلوا بأن تكون العدالة انتقائية. وعلى الجميع أن يكونوا تحت القانون وفي خدمة العدالة. بدون عدالة لن تكون دولة. لذلك نذكر المسؤولين، والمسيحيين منهم بخاصة، بما قاله الرب يسوع: كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب، وكل مدينة أو بيت منقسم على ذاته لا يثبت (مت 12: 25). نحن نسمع هنا وهناك حديثا عن حقوق الأطراف ومكتسباتها، وحقوق هذا الحزب وتلك الجهة، كما نسمع عن الحفاظ على المسيحيين وحقوقهم، لكننا لا نرى سوى خلافات وخصومات بين الأطراف، وصراعات وتباينات وتنافسا بين المسيحيين وإخوتهم المسيحيين، لإثبات من هو الأقوى والأجدر للحفاظ على تلك الحقوق. هل هكذا علم المسيح؟ هل طلب الاقتتال من أجله ومن أجل إخوته الصغار؟ طبعا لا، بل طلب التواضع والصبر والتسامح، والأهم أنه علم المحبة. إن لم تحبوا بعضكم بعضا وتتحدوا فإن بلدنا يسير إلى الزوال بسببكم، وبسبب مصالحكم التي اخترتم أن تتقاتلوا من أجلها، بدلا من توحيد الصفوف والعمل معا بغية الخروج من الحفرة التي عمقتموها وأسقطتم الشعب فيها”.

وتابع: “قد نكون أمام الفرصة الأخيرة للخروج من النفق المظلم إلى رحاب الحياة الكريمة التي يسودها العقل والحكمة ومخافة الله، وتحكمها الأخوة والعدالة وصدق النية وصفاء الضمير، والإيمان أن الله أكبر من كل كبير، وأنه على كل شيء قدير”.وقال: “الإيمان هبة من الله، لكنه أيضا فضيلة يزرعها الله فينا، ولكي يثمر يتطلب إستجابة حريتنا. الإيمان لا يغصب أحدا، بل يحرر ويشفي، ويعتق من أسر الشيطان والمادة. لقد زرع الله الإيمان في الممسوس، مريدا أن يعتقه من سلطة الشياطين. كان شفاؤه دعوة من الله وجدت تجاوبا في استعداده التام. جلس الممسوس عند قدمي الرب يسوع طالبا أن يتبعه. لقد قبل أن يتحرر من الشياطين والآن هو مربوط بمحبة الذي شفاه. خلصه المسيح من أسر الشياطين، لكنه لم يستعبده لنفسه. في البدء كان يساق من الشياطين، أما الآن فصرفه يسوع طالبا منه العودة إلى بيته. لم يستغل عرفانه بالجميل، ولا حماسته، ليضيف تلميذا آخر يتبعه في جولاته. أرسله إلى بيته، لأن في ذلك خلاصا لنفسه وأقاربه وأهل بلدته أيضا، وأعطاه وصية بأن يحدث بما صنع الله به. هكذا جعله رسولا له، مبشرا بمحبته. هذه الوصية يطيعها أيضا قديسو الكنيسة عندما يتكلمون إلى الناس، ويحدثون بما صنع الله بهم. لا يتحدثون عن مفاهيمهم وفلسفاتهم الخاصة، بل يخبرون كيف يشفي الله الإنسان ويعتقه من سلطة الشياطين، وكيف يجعله قادرا على الإتحاد به، لعله يصبح أخا للمسيح ووارثا له، أي حرا بالحقيقة”.وختم عوده: “لذلك علينا أن نتحرر من جميع قيود الشيطان، التي يكبلنا بها مستعبدا إيانا. لقد خلقنا الله أحرارا، فهل نستخدم حريتنا لكي نقع تحت نير أي أمر أو إنسانٍ أو زعيم؟ استغلوا حريتكم للتقرب من المسيح، حيث الفرح السرمدي، وكما سمعنا في رسالة اليوم: من يزرع شحيحا فشحيحا أيضا يحصد، ومن يزرع بالبركات فبالبركات أيضا يحصد. عسى يكون زرعكم بالبركات لتنالوا الملكوت السماوي”.