المجتمع الدولي منذهل.. والقوى السياسية آخر رواق

25 أكتوبر 2021
المجتمع الدولي منذهل.. والقوى السياسية آخر رواق

لم تفض اتصالات الساعات الماضية إلى تسوية الازمة السياسية – القضائية، فحرب البيانات تشتد يوما بعد يوم بين القوى المتصارعة، وتنذر بأن البلد قد يدخل مرحلة جديدة من التعقيد لن تساعد في استئناف العمل الحكومي ، الا إذا طرأ مستجد ما ليس في الحسبان فكك المتاريس السياسية وانهى تعطيل الحكومة التي تشكلت لتحد من الانهيار المالي والاقتصادي ولتنجز الإصلاحات المطلوبة لا سيما في الكهرباء ولتجري الانتخابات في موعدها.

حتى الساعة، المشهد ضبابي. فربط تحقيقات المرفأ بتحقيقات الطيونة أشبه بوضع العصي في دواليب الحكومة ومراكمة التعقيدات وإضفاء المزيد من التأزم على الوضع الراهن، فإذا خرج التباين السياسي عن حدوده والخطوط الحمراء المرسومة له، عندها لن يكون أحد بمنأى عن شظايا الصراعات السياسية وانعكاساتها على المستويات كافة، علما أن مجلس القضاء الأعلى سوف يجتمع اليوم للبحث في قضية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار فضلا عن قضايا أخرى.

بعدما أعطت حكومة “معا للانقاذ”مع تشكيلها ونيلها الثقة بصيص أمل للبنانيين يمكن أن يبدل في واقع البلد ويخفف من تبعات ازماته، تبدو الصورة اليوم مقلقة خاصة ، وتشي كواليس الصالونات السياسية أن هناك قوى مرتاحة للمشهد الراهن وإن كانت لم تدفع إليه عمداً. فهناك قوى كثيرة ايدت الحكومة خارج إرادتها ورغبتها السياسية وعلى رأسها تيار المستقبل، وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، فالظروف التي دفتعه لمباركة حكومة “معا للانقاذ” كانت خارجية ومحلية رغم علاقته الممتازة بالرئيس نجيب ميقاتي، بيد أن حساباته السياسية المنسجمة مع الحريري لجهة انهاء عهد الرئيس عون من دون تأليف حكومة كانت تتفوق على اي اعتبار اخر. مع الاشارة الى ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط كان من الداعين لتأليف حكومة. أما التيار الوطني الحر فلم يكن مبدأ تشكيل الحكومة مطروحا عنده، وان استطاع التكيف مع الظرف الإقليمي الذي دفع إلى التأليف وقطف مجموعة مكتسبات في هذه الحكومة. في المقابل كان حزب الله جزءا أساسيا من الحراك الإقليمي _ الدولي التي أنتج الحكومة فضلا عن دوره في الداخل مع حلفائه لتسهيل التأليف والادلة على ذلك كثيرة تلخصها تسمية كتلة الوفاء للمقاومة للرئيس ميقاتي خلال الاستشارات النيابية الملزمة.قد يكون هذا السرد المختصر لأداء القوى الاساسية في مرحلة ما قبل تشكيل حكومة الرئيس ميقاتي، مقدمة للتأكيد، وفق مصادر مطلعة، أن الواقع الجديد على ضوء تحقيقات المحقق العدلي القاضي طارق البيطار واحداث الطيونة اراح كل مَن قبِل بالحكومة على مضض. اما حزب الله فهو وفق مصادره، لا يعطل عمل الحكومة لأنه يسعى الى الفراغ، فلا مصلحة له قبل غيره بدخول البلد الفراغ وهو يسعى ويريد أن تحل الأزمة الاقتصادية لا سيما أنها توظف ضده وكلما استمرت كلما تضاعف التحريض السياسي ضده بمعزل عن مدى تأثيره، هذا فضلا عن أن الحزب يريد أن تجري الإنتخابات النيابية في موعدها، ونتائجها لا تقلقه على الاطلاق فهو واثق من بيئته وحاضنته الشعبية.وهنا تقول مصادر متابعة: من الخطأ القول ان هذه الحكومة سوف تتحول الى تصريف اعمال. فالحكومة لن تستقيل وان كانت لن تجتمع في المدى المنظور، فبقاؤها دون ان تجتمع افضل من ان تجتمع وتنفجر من الداخل اذا لم يتم ازالة صواعق تفجيرها، مع تشديد المصادر نفسها على ان الحكومة تقوم بالمطلوب منها على مستوى اجتماعات السراي وتسيير الوزراء لاعمال وزارتهم وفق الصلاحيات المناطة لهم، علما ان الضرورات سوف تبيح المحظورات وهذا يعني انها قد تلتئم لغاية اقتصادية ملحة او في ما لو طرأ حدث ما استبق معالجة المشكلة الراهنة والمتصلة بموقف الحزب من القاضي البيطار، علما ان موازنة العام 2022 التي يعدها وزير المال يوسف خليل بطلب من الرئيس ميقاتي يفترض ان تعرض كمشروع على طاولة مجلس الوزراء في أسرع وقت لارتباطها بالاصلاحات المطلوبة من لبنان فوفد صندوق النقد الدول ركز خلال لقاءاته الاسبوع الماضي مع القوى السياسية على اربع أولويات منها إعداد موازنة منضبطة وفقا للمعايير الدولية، ويكون فيها مكون رئيسي خاص بدعم النشاط الاجتماعي وكل الأنشطة الخاصة بالخدمات الاجتماعية الرئيسية.في مهب التجاذبات السياسية، تقول مصادر سياسية ان هذه الحكومة تبقى خشبة الخلاص لكل المكونات السياسية دون استثناء وحتى المعارضة والتي يفترض ان تعطي الحكومة الفرصة بدل تنفيذ اجندات من وحسابات من هناك، لأن اللعب على حافة الهاوية سيصيب مع خطأ بالتقدير الكل بأضرار سياسية لأن الانهيار سيجرف الجميع دون استثناء، فاخذ البلد الى الفراغ ليس بالسهولة التي يظنها البعض لأن الخروج منه سوف يستدعي تدخلات غربية وعربية قد تكون لمصلحة قوى على حساب أخرى حتى داخل المحور الواحد.يقف المجتمع الدولي اليوم مستهجنا ومستغربا لما يجري. يعبر موفدوه والدبلوماسيون العرب والاجانب المعتمدين في لبنان عن ذهولهم من أداء الطاقم السياسي أمام التفلف الامني الحاصل والغليان الاجتماعي الذي ينذر بالأخطر ، لم يعد هناك من كلام يقولونه. والخوف من ان تستنفد الجهود الدولية لحل الازمة الاقتصادية والمالية، بينما تنشغل القوى السياسية بحصصها وحساباتها وتتلاعب بمصير الشعب وترقص فوق دماء ابنائه.