لا حرب أهلية في لبنان بل “شد عصب انتخابي”

25 أكتوبر 2021
لا حرب أهلية في لبنان بل “شد عصب انتخابي”

منذ سنوات ولغاية اليوم، كم من مرّة قيل إن الحرب الأهلية بدأت مجدّدا في لبنان ولكنها لم تبدأ. كم من مرة تم تخويف الشعب وتهديده أن حرب العام 1975 عائدة، حتماً آلاف المرات. لكن اليوم يمكننا القول إن “الحرب الأهلية في لبنان أصبحت في خبر كان”. وإليكم الأسباب!  

أحداث ذكّرت بالحرب الاهلية  
منذ سنتين إلى الآن، وقعت أحداث كثيرة، قيل على إثرها إنها بداية للحرب الأهلية، غير أن الكلام لم يكن صحيحاً. أبرزها الاشكالات بين منطقتي عين الرمانة والشياح في العامين 2019 و2020، إلا أن نهايتها كانت على يد الجيش الذي ضبط الوضع. 
ونذكر أيضا حادثة قبرشمون، فخلال جولة لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، وقع إشكال مسلح  بين موكب الوزير المرافق له آنذاك صالح الغريب ومؤيدين لـ”الحزب التقدمي الاشتراكي”، وبقي الوضع متوترا، معيدا للذاكرة أحداث الجبل. 
أما الاشكال الخطر الأخير، أي أحداث الطيونة فهو مختلف تماماً، وفعلاً صدّق البعض أن الحرب اندلعت من جديد، كون إطلاق النار لم يتوقف عند الحدود الجغرافية للمنطقة، انما برز اطلاق نار كثيف على جسر كفرشيما (كانت تعدّ منطقة تماس في الـ1975)، بالاضافة الى استنفار العشائر البقاعية بسلاحها الثقيل. الا أن النفوس هدأت، وبعد أيام من الاستنفار عادت المياه الى مجاريها. 
لا شكّ أن أحداث الطيونة كانت الأكثر دموية منذ سنوات لحد اليوم، والأكثر تهديداً للسلم الاهلي، عقب فترة تجييش طائفي طويلة، الا أن “زعماء” الاشكال اكدوا وتوافقوا على أن  المسار الصحيح لحل هذه المسألة هو التحقيق ومحاسَبة القتلة، ما ينسف سيناريو الحرب. 
إتفاق على رفض الحرب الأهلية 
الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله رغم ان خطابه كان عالي اللهجة بعد الاحداث، وكشف فيه للمرة الاولى عن عدد الهيكل العسكري للحزب الذي  يضم 100 ألف مقاتل، الا أنه قال إن “هؤلاء المقاتلين لم نجهّزهم لحرب أهلية، بل لندافع عن بلدنا في وجه الأعداء”، موضحاً “أننا قلنا للمرة الأولى رقم المقاتلين لدينا من أجل منع الحرب الأهلية، وليس للتهديد بها”. كما ترك نصرالله المسألة في يد القضاء. 
من جهته، شدّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على أن “القوات لا تريد الحرب”، مؤكدا أن “المواجهة مع حزب الله ليست عسكرية بل سياسية”.  
بمعنى آخر، من المعلوم أن “حزب الله” الأقوى داخليا بالعديد والسلاح وحتى بالقاعدة الشعبية، والمنطق يقول إن القوي هو من يبدأ الحرب، لكن ليس هذا ما يريده الحزب، الذي يملك خططا أكبر من ذلك. أما من ناحية “القوات”، فهي أيضا لا تريد الحرب، انما تريد أن تكون حماية لبنان بيد الجيش فقط، من دون وجود “سلاح غير شرعي يهدد السلم الاهلي”، بإعتبار أن هذا السلاح يمنع بناء دولة مؤسسات. 
 
أما الأطراف الأخرى، فلها مقارباتها، فالتيار الوطني الحر، بعيد جداً عن بدء حرب في البلاد خاصة في عهد رئيسه.أما حركة أمل فلن تنسلخ عن مخطط حزب الله بالتهدئة حاليا. وبالنسبة الى الحزب الاشتراكي فهو يدعو الى محو فكرة الحرب الأهلية من العقول. 
العامل الاهم لاستبعاد فكرة الحرب الاهلية ان شباب اكثرية المجتمعات اللبنانية والبيئات اليوم يفكرون ببناء مستقبلهم وتطورهم وتحقيق أحلامهم في لبنان أو خارجه، ولا يهمهم التفكير الطائفي والحقد الموروث من حرب الـ1975.  
بالمحصلة، كلّ ما نراه اليوم من مشاكل، ليس بداية لحرب أهلية ولن يكون كذلك، انما ما نراه ونعيشه وسنراه هو “شدّ عصب” ما قبل الانتخابات النيابية، لحصد أكبر عدد مقترعين بعد تراجع شعبية أحزاب كثيرة عقب ثورة 17 تشرين الاول 2019، وعقب فشل السلطة في الحفاظ على عيش كريم للمواطن.