رغم تزايد وتيرة الحراك السياسي منذ ما بعد أحداث “الطيونة” والتداعيات القضائية التي سبقتها والمرتبطة بقضية المحقق العدلي طارق البيطار، والتي لحقتها والمتعلّقة بالقوات اللبنانية ورئيسها سمير جعجع، ورغم أنّ النشاط الحكومي يسعى الى إعادة تفعيل عمل الحكومة من جهة والوصول الى تسوية سياسية وأمنية وميدانية تمنع الانزلاق الى فتنة شاملة من جهة أخرى، الا أن الستاتيكو العام في لبنان لا يزال على حاله.
وفق مصادر سياسية مطّلعة، فإن ما يحصل هو أشبه بالاستقرار السياسي الذي سيستمرّ إلى ما بعد الانتخابات النيابية المُقبلة، إذ إن التسويات التي قد تطال الساحة اللبنانية والتي ستتأثر حتماً بعملية التواصل والتنسيق الإقليمية ستترقب نتائج الانتخابات والتوازنات الداخلية في المؤسسات اللبنانية ليُبنى على الشيء مقتضاه، حيث أن جميع القوى تحاول الذهاب بالكباش الإعلامي والسياسي اليوم حتى نهايته من أجل إثبات نفسها في “الحلبة” الانتخابية.
ترى المصادر أن الستاتيكو الحالي سيستمر بالوتيرة ذاتها خصوصاً وأن القوى الاقليمية توافقت بعد ضغوط فرنسية على وقف تدهور الواقع اللبناني أو بمعنى أوضح فرملة الانهيار ومنع وصوله الى حدود قياسية خطيرة لأن ذلك سيؤدي الى ارتدادات سياسية لن تكون في مصلحة الفرنسيين ومن وجهة نظر أخرى لن تكون لمصلحة الاميركيين. وانطلاقاً من هنا يبدو ان القرار قد اتّخذ جدياً بوقف المسار الانحداري السريع بطريقة أو بأخرى.وبحسب المصادر، فإن الواقع الاقتصادي وصل الى الحضيض، وبالتالي فإنه من غير الممكن السماح بمزيد من التدهور، ولكن في كل الأحوال ثمة من أوحى إقليمياً بأن مسار الإنقاذ في طريقه عاجلاً الى لبنان، فماذا يجري خلف الكواليس ويُعيق وصوله؟وفق أوساط سياسية مطلعة فإن الإنقاذ في لبنان وفي هذه المرحلة بالذات سيُعيد خلط الاوراق الانتخابية ويعزّز قدرات بعض القوى والأحزاب السياسية التي كانت بعض الدول الخارجية تراهن على إضعافها في الانتخابات، وبالتالي فإن الدول الاقليمية لن تكون راغبة بتفويت الفرصة السياسية والشعبية المُتاحة منذ 17 تشرين، وعليه فإنها ستعمل على الاستمرار بعملية الضغوط من دون الذهاب نحو الانهيار الكامل ولكنها في الوقت نفسه لن تباشر بعملية الإنقاذ قبل جسّ النبض الانتخابي ومعرفة تأثير الانهيار على الشارعين الشيعي والمسيحي، وبعد ذلك تحصل التسوية التي بدأت ملامحها تُطلّ برأسها في الإقليم.وهكذا تؤكد المصادر بأن الواقع السياسي سيبقى على حاله وإن كان هنالك اتجاها لتأمين بعض متطلبات الاستمرار المعيشي كالبطاقة التمويلية مثلا وتحسين الكهرباء وهذا أمر لن تستطيع الحكومة الهروب منه، لكن عملية الإنقاذ الكبرى التي يأمل اللبنانيون حصولها فهي بعيدة المنال أو أقله لن تبدأ على المدى المنظور قبل معرفة من القوى السياسية التي ستحصل على الأكثرية النيابية المقبلة، وما إذا كان المجتمع المدني سيستطيع تحقيق خرق جدي في الانتخابات.