ارتدادات سلبية سريعة لمبادرة بري الراعي

28 أكتوبر 2021
ارتدادات سلبية سريعة لمبادرة بري الراعي

كتبت هيام قصيفي في “الاخبار”: حين قام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بجولته، أول من أمس، بدءاً من مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، كان الانطباع الأولي لدى قوى سياسية، وبعضها قريب من بكركي تاريخياً، بأن ما يقوم به الراعي غلطة كبيرة. الغلطة ليست في القيام بمحاولة للتهدئة وسحب التوتر السياسي، بل في أن الراعي تسرّع في القيام بتحرك غير مدروس، بدأه من المكان «الأخطر»، أي من عند الرئيس نبيه بري الذي استدرجه إلى مكان غير محتسب. فوليمة الغداء لم تكن وحدها الطعم الذي نال من الراعي. إذ إن برّي الذي يحفظ غيباً موضوع المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ويتمسك به منذ أسابيع وأشهر، ويمتلك من الحنكة ومن الإعداد المحكم لهذا البند الذي يحمل كثيراً من الاجتهادات، تمكّن من سحب الراعي إلى حيث يريد. لكن الموافقة المتعجّلة للبطريرك لا تلاقي تأييد قوى سياسية، بعضها مقرب منه جداً، وجدت في مواقفه الأخيرة بعد حادثة عين الرمانة وتبنّيه التحقيق في قضية انفجار المرفأ والتحقيقات فيه، تسرعاً لا سوء نية.
 
ترك التسرع البطريركي ارتدادات سريعة، وأظهر استياء كبيراً في حلقات سياسية ودينية، انطلاقاً من أنه لا يجوز لبكركي أن تدخل في زواريب الاتصالات من خلال جولات مباشرة على المرجعيات السياسية، حتى ولو كان الخطر كبيراً إلى الحد الذي وصلت إليه الأمور حالياً. فمهما كان شكل قبول الراعي بأي تسوية طرحها بري على طريقة المقايضة هو خطأ في حق أهالي ضحايا المرفأ ومصابيه والمتضررين من الانفجار، لأنه بدا أنه يقدّم طرفاً سياسياً على الضحايا وأهاليهم الذين يصرون على التمسك بتوجه المحقق العدلي طارق بيطار. وهذا يعني، حتى شكلاً، تفاوتاً في نظرة بكركي والتمييز بين ملفين قضائيين مختلفين من حيث الخطورة والتشابكات والمسؤوليات، على رغم أن الراعي كرر أكثر من مرة أنه إلى جانب أهالي الضحايا.
 
الأنظار ستتوجه بعدما مر يوم الأربعاء من دون حضور جعجع إلى وزارة الدفاع، وختم الجيش التحقيق وأحاله إلى القاضي عقيقي، إلى المعالجة السياسية مجدداً، خصوصاً أن لا مهل أمام عقيقي لإصدار مذكرة إحضار أو بلاغ بحث وتحر، ما يفتح المجال أمام معالجات من نوع آخر، وستكون مختلفة جذرياً عن المبادرة التي ولدت ميتة في عين التينة.