خلال الجلسة العامة لمجلس النواب يوم الخميس توجّه الرئيس نبيه برّي إلى نواب “التيّار الوطني الحر” بالسؤال التالي: “بدكن انتخابات أم لا؟ قولوا بصراحة “.
هذا السؤال للرئيس بري إستتبعه النائب علي حسن خليل خارج الجلسة، حين قال إن هناك جهة ترغب في تطيير الإنتخابات النيابية تحت غلاف دستوري.
وبعد،
هل يمكن أن نعتبر أن تاريخ 27 آذار هو موعد نهائي للإنتخابات النيابية؟
السؤال لا تغيب عنه السياسة، كما كل شيء في لبنان وبالأخصّ في المسائل القضائية، فتشوهها وتمعن في تهميشها، وبالتالي تصبح نجوم السماء أقرب إلى الناس من الحقيقة الضائعة. وهو أمر طبيعي في بلد “طاسته ضائعة” ومش معروف كوعو من بوعو”.
ما قيل في الجلسة وخارجها زاد الأمور إلتباسًا، ولم يعد يعرف المواطن، الذي يريد أن تحصل الإنتخابات اليوم قبل الغد، إذا كانت هذه الإنتخابات لا تزال قائمة، سواء في موعدها أو في غير موعدها، خصوصًا أن “التيار الوطني الحر”، الذي سيتقدم نوابه بطعن أمام المجلس الدستوري، وكما يُشيّع، لا يريد في المطلق حصول هذه الإنتخابات، وذلك لعدّة أسباب، ومن بينها وأهمّها، أن لديه شعورًا مستندًا إلى وقائع ملموسة بأن شعبيته إلى تراجع، وأنه لن يستطيع، حتى ولو “حلب” معه “حزب الله” صافيًا حيث له ثقل إنتخابي وحيث له القدرة التجييرية، في أن يؤّمن له حواصل كافية تمكّنه من إستعادة ما خسره من شعبية على الساحة المسيحية.
ويضاف إلى هذا السبب ما هو، على ما يبدو أكثر أهمية من السبب السابق، ويتمثّل في أن مجلس العام 2022 هو من سينتخب خلفًا للرئيس ميشال عون، الذي يطوي غدًا عامه الخامس في الحكم. وفي رأي بعضٍ من “التيار” أن المجلس الحالي لا يزال قادرًا على التحكّم بـ”اللعبة” الرئاسية، تمامًا كما حصل في العام 2016.
الأمور معقدّة أكثر مما يمكن تصورّه، خصوصًا أن بعض النواب يؤكدون أن تحديد الموعد النهائي للإنتخابات هو من إختصاص الحكومة، وأن ما قام به مجلس النواب ليس سوى تسهيل لإتخاذ الحكومة القرار المناسب، مع العلم أن لا بوادر تلوح في الأفق وتشي بقرب معاودة جلسات مجلس الوزراء، على رغم المساعي الحثيثة التي يقوم بها الرئيس نجيب ميقاتي، الذي يحاول بكل ما أوتي من عزم وإرادة التعويض عن النقص الناتج عن تغييب العمل الحكومي بمفهومه الدستوري، وذلك من خلال اللقاءات المكثفة التي يعقدها في السراي الكبير
فكيف سيردّ “التيار الوطني الحر” على سؤال الرئيس بري؟
هل سيقول له نوابه مثلًا إنهم يريدون حصول هذه الإنتخابات أكثر من أي فريق سياسي آخر، ولكن ليس وفق رزنامات الآخرين، الذين يفرضون التوقيت الذي يناسبهم ولا يناسب الآخرين.
أهل “التيار” يؤكدّون أنهم مع إجراء الإنتخابات قبل أي فريق آخر، ولكن يجب إحترام المعايير التي على اساسها يجب أن تحصل هذه الإنتخابات، وهو يريدها أكثر من غيره ليتأكد الواهمون أن شعبية “التيار” لا تزال على حيويتها، وأن نتائج الإنتخابات ستفرز الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
فلم يفهم بعد نواب “التيار” لماذا هذا الإصرار من قِبل البعض على تقديم موعد الإنتخابات النيابية إلى 27 آذار، وهم يعيدون هذا الإصرار إلى سابق تصوّر وتصميم على تخفيض نسبة الإقتراع، وبالأخص في بلاد الإنتشار، حيث يسود إعتقاد بأن ثمة من يعمل في الخفاء لتغييب الصوت الإغترابي، وذلك لعلمهم المسبق أن المنتخب الإغترابي على إستعداد هذه المرّة لإحداث الفرق في موازين القوى.