هذا هو واقع الأمن الغذائي في لبنان

2 نوفمبر 2021
هذا هو واقع الأمن الغذائي في لبنان

تتوالى التحذيرات من أكثر من جهة حول تفاقم الأوضاع الانسانية في لبنان وتراجع الأمن الغذائي. وكشفت دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) عن تفاقم الفقر في لبنان الى حدّ هائل خلال عام واحد فقط. وأشارت إلى أن الفقر أصبح يطال نسبة 74 في المئة تقريباً من مجموع سكان البلاد.

وأوضحت الإسكوا، في دراسة نشرتها، تحت عنوان “الفقر المتعدد الأبعاد في لبنان: واقع أليم وآفاق مبهمة”، أن نسبة الذين يعيشون في فقر متعدد الأبعاد تصل إلى 82 في المئة من السكان، إذا تم أخذ أبعاد أوسع في الاعتبار، مثل الصحة والتعليم والخدمات العامة.تخبط الاسعاركما وتقدر الأمم المتحدة أن اكثر من مليون لبناني يحتاج إلى مساعدة إغاثية لتلبية الاحتياجات الأساسية. “هذه الحاجات التي أصبحت اسعارها خيالية ومن الصعب الوصول إليها كالخبز والرز والسكر والحبوب، وتدفع المستهلك الى التخفيف من كميتها او حتى الإستغناء عن عدد كبير منها، ما يهدد الأمن الغذائي ويخلق أزمة نفسية واجتماعية لدى المواطن”، تقول نائبة رئيس جمعية المستهلك د. ندى نعمه. فعلى سبيل المثال ارتفعت أسعار المواد الأساسية وأصبحت أسعارها كالتالي: كرتونة البيض الكبيرة: 80000 ليرة لبنانية، كيلو السكر: 10000 ليرة، كيلو الملح: 5000 ليرة، زيت (2L): 145000 ليرة، زيت زيتون (750 ML): 115000 ليرة، خبز: 7000 ليرة (الربطة الكبيرة)، كما وارتفعت أسعار الحبوب على أنواعها، كما أسعار لحوم الدواجن والحمراء. وتشير نعمه الى أن “البدائل ليست متاحة أمام المواطن، لأن ارتفاع الأسعار يشمل كل المنتجات الغذائية من دون استثناء، وهي الى المزيد من الإرتفاع نتيجة غياب الرقابة الرسمية على الاسعار وعدم تطبيق القوانين، وغياب أي خطط اصلاحية شاملة. إضافة الى تدهور قيمة الرواتب أكثر من 15 مرة وخاصة بعد ارتفاع سعر صفيحة البنزين”.

ومع ارتفاع سعر المحروقات، أصبح الراتب لا يكفي العامل لتعبئة البنزين والوصول إلى العمل، هذا بالنسبة الى الآثار المباشرة. أما غير المباشرة، فإن ارتفاع سعر المحروقات سيؤدي الى ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية في الأفران والسوبرماركت، كونها تدخل في جميع القطاعات الحيوية والأساسية، “وأصبح الخبز يُسعّر وفق “السوق السوداء” حيث لا أحد يلتزم بتسعيرة وزارة الاقتصاد”، يقول نقيب الأفران في الشمال طارق المير، “وذلك لأن وزير الإقتصاد لم يحدد سعر ربطة الخبز رغم ارتفاع الدولار وسعر المحروقات والقمح في البورصات العالمية، وكل يوم يمرّ يتحمل فيه اصحاب المخابز والافران خسائر كبيرة”.الطمع والجشع يفقر اللبنانيينوفي السياق، يؤكّد رئيس جمعيّة حماية المستهلك زهير برّو أنه “منذ القديم يسطير الإحتكار على معظم الأسواق اللبنانية، وخاصة عند وقوع أزمات اقتصادية ومالية، حيث تكون فرصة لكل الفاسدين والمحتكرين للاستفادة. لذلك لم نشهد تراجعاً في أسعار السلع الغذائية، ونرى أن القدرة الشرائية لدى المواطنين تراجعت بين الـ10 و15 مرة، لافتاً الى أنه نسبة 5 في المئة فقط من اللبنانيين ما زالوا يأكلون ويشربون بشكل طبيعي كما كانوا يفعلون قبل الأزمة”.ويعتبر برّو “أن الحل الوحيد يكون عن طريق خلق قدرة تنافسية، ولكن وجود الإحتكارات لا تناسب الاقتصاد، إذ هي تمنع المنافسة، وتحصر السياسة الإستهلاكية بمجموعة من التجار الذين يستغلون المستهلكين وحاجتهم لهذه السلع”. فالمطلوب اليوم بحسب برّو هو “الإتجاه نحو علاج شامل، ما يتطلب نظاماً سياسياً واقتصادياً جديداً، لأنه من دون تغيير الطبقة السياسية الفاسدة التي أدت الى إنهيار البلاد، والذهاب الى تطبيق الدستور اللبناني لبناء دولة على أسس جديدة خارج نطاق الطائفية ووفق الكفاءات، كل الحلول ستكون جزئية”. لذلك هو يرى أن “إطلاق البطاقة التمويلية دون إحداث أي تغيير اَخر لا يكفي للحد من معاناة الشعب”.