ملف ليس بجديد، منذ العام 2015 وشوارع لبنان تغرق الحين بعد الاخر بالنفايات. كبرت الازمة في العام 2019، ولا حلول تُذكر طالما أنّ اللبنانيين عادوا اليوم ليتفاجأوا بتكدس النفايات في مناطقهم وخصوصاً في بيروت والمتن.
فماذا يحصل، وأي أزمة مستجدة تنتظرنا ونحن على أبواب الشتاء، حينما ستختلط ترسبات النفايات والاكياس المكدسة بمياه الامطار والفيضانات؟. بحسب معلومات خاصة لـ”لبنان 24″ فإنّه ومع إنتهاء عقد شركة “رامكو” التي تقوم بمهام كنس وجمع ونقل النفايات في المتن وكسروان وبيروت، لن يكون هناك مناقصات جديدة، لاسباب عدة منها ما يتعلق بفرق سعر الدولار، عما كانت تجري عليه المناقصات سابقاً. وهي الازمة الحالية مع شركة “رامكو”، التي تتحدث عن تكبد خسائر فادحة نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات، حيث تصل خسائر الشركة الى حوالى 200 الف دولار شهرياً، وكذلك الحال بالنسبة الى شركة “سيتي بلو” الموكلة جمع النفايات في مناطق بعبدا وجبل لبنان والشوف وعاليه، والتي غالباً ما يتوقف عمالها عن مهام الكنس والتجميع حتى تحقيق مطالبهم بزيادة الرواتب وحل مشكلة المستحقات المتراكمة، وهو ما يترجم إعادة تكدس النفايات في مناطق الضاحية.
مناقصة جديدة؟
تفيد المصادر أنّ السبب الأول لتكدس النفايات في بعض المناطق أنّ الشركات المتعهدة كانت تقوم بمهامها قرابة الـ3 الى 5 أيام اسبوعياً، أمّا اليوم فتقوم بالتنظيف مرتين فقط في الأسبوع. وبحسب المعلومات الخاصة فإنّ التوجه الحالي يقتضي بإعادة تفعيل المناقصة السابقة مع “رامكو” لتعذر إجراء مناقصة مع شركة جديدة، وخصوصاً أنّ تكاليف الشركات أصبحت بالدولار الأميركي وليس بالعملة اللبنانية سواء على صعيد شراء المازوت او قطع الغيار او حتى اليد العامة، غير أنّ أي إجراء جديد يتطلب حتماً قرار يصدر عن مجلس الوزراء. ولكن مصادر في “رامكو” تشير لـ”لبنان 24″ الى أنّ الشركة ليست في وارد تجديد العقد الا بشروط استثنائية، وخصوصاً مع استمرار تكبد الخسائر، وحجم العمل الذي سيكون مضاعفاً في فصل الشتاء مع الأوضاع السيئة على الطرقات. فالشركة تملك 120 آلية لإزالة النفايات، وهذه الآليات تحتاج الى زيوت للصيانة بقيمة مرتفة يومية، إضافة الى كميات كبيرة من المازوت تُقدّر بحوال 35 الى 40 طن اسبوعاً.
إذا، فإنّ أعمال رفع النفايات لا تزال مستمرة ولكن بوتيرة أخف، وهنا السؤال: “ماذا لو توقف العمل على إزالة النفايات بشكل كامل، هل من حلول؟”.
تمويل
لا يقتصر الامر على ذلك، فمؤخراً أكد مجلس الانماء والاعمار في تقرير صادر عنه أنّ هناك صعوبات كبيرة في تسديد المبالغ المالية للشركات المتعهدة جمع النفايات وطمرها، فمطر “الجديدة” سيستنفد قدرته على استيعاب النفايات في شباط 2022، ومطمر “كوستابرافا” سيفيض بقدرته الاستيعابية في شباط 2023. وهنا نعود الى النقطة الاساسية: كيف سيتم تأمين التمويل للمتعهدين؟ وخصوصاً ان أي حلول من قبل البلديات، تبقى حلولا مؤقتة ولا يمكن مواصلة السير بها لاسباب كثيرة منها عدم قدرة البلديات على تشغيل اليد العاملة لتنظيف الشوارع.
خطورة صحية
للأسف، فإنّ للمشكلة مجموعة أخرى من الابعاد السلبية، وخصوصاً على المستوى الصحي والبيئي. وإن كانت جمعيات كثيرة تنادي بأهمية الفرز من المصدر، فإنّ الوعي الجماعي على هذا الصعيد ليس كافياً بعد لتلافي مخاطر كبيرة، بحيث لم يكن يوماً الملف البيئي أولوية لا لدى الوزارات المعنية او لدى المواطن نفسه الذي يدفع الضريبة من صحته. واليوم، ومع تجدد النفايات على الشوارع واقتراب هطول الامطار، فإنّ مخاطر صحية كبيرة بإنتظارنا، وخصوصا مع لجوء البعض الى حرق النفايات امام منازلهم، وهو ما يعني اننا امام كارثة صحية خطيرة وزيادة اعداد الإصابات بسرطان الرئة، وهو ما أكدت عليه دراسات علمية سابقة.
ونعطي على سبيل المثال خطورة مادة “الديوكسين” وهي من الملوثات الخطرة التي تبقى في الهواء وتنجم عن الاحتراق غير الكامل للمواد مثل النفايات او الدواليب، وغالباً ما تسبب هذه المادة السرطان.
وتعمل وزارة البيئة كما أكد الوزير ناصر ياسين في تصريح له على وضع حلول لتفادي الازمة ومختلف تأثيراتها، إضافة الى وضع خطة استراتيجية وطنية متكاملة تؤسّس للفرز من المصدر وإعادة التدوير، وكذلك مجموعة من الخطط لادارة النفايات على مستوى اتحادات البلديات.