ماذا قال ميقاتي لقادة الدول في “غلاسكو”؟

4 نوفمبر 2021
ماذا قال ميقاتي لقادة الدول في “غلاسكو”؟

إذا كان صحيحًا ما تقوله بعض الدول، شقيقة أم صديقة، أن “حزب الله” هو المسيطر على القرارات السياسية والأمنية والإقتصادية في لبنان، وهذا ما يقوله أيضًا كثير من اللبنانيين بالطبع، فإن المعالجة في العموم لا تكون بترك هذا البلد الصغير في أحضان مَنْ تقولون إنه يأخذه رهينة في الصراعات الإقليمية، بل في تقديم كل دعم يحتاج إليه ليبقى هذا البلد الذي تغارون على مصالحه واقفًا على رجليه، ولكي لا يبقى حزب واحد هو المسيطرّ على كل مرافقه، وفق ما يُقال ويتردّد. 

 
 
فالتحديات الخطيرة التي يواجهها لبنان في ظل التطورات الأخيرة، والتي تفاعلت مع إنتفاضة 17 تشرين الأول  حتى الأزمة الديبلوماسية المستجدّة، مرورًا بإنفجار المرفأ وتداعياته الأمنية والسياسية والإجتماعية، لا تواجَه بنظرة متشائمة للوضع اللبناني، بل تكون المعالجة بمواصلة الدول الشقيقة والصديقة دعمها له لتأمين مسلزمات صمود اللبنانيين وتجنّب الإنهيارات الأمنية، والضغط لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها المقرر.  
فمع مرور عامين على أزمته الإقتصادية الكارثية يوشك لبنان على الإنهيار، على رغم الجهود الإستثنائية التي يقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهذا ما لمسه اللبنانيون، وبالأخص من خلال اللقاءات التي عقدها مع قادة الدول في “غلاسكو”. فعلى اللاعبين الخارجيين أن يقدموا مساعدات مباشرة للبنان، التي تستهدف الشرائح الأكثر حاجة للتخفيف من حدّة معاناتهم والمحافظة على السلم الأهلي إلى أن تعيد الطبقة السياسية حساباتها القائمة على المنفعة الخاصة، وأن  يدفعوا في إتجاه إجراء الإنتخابات النيابية في وقتها، وذلك نظرًا إلى أنه لا يمكن إحداث تغيير حقيقي، أقله نظريًا، قبل هذه الإنتخابات، على رغم ما يقوم به الرئيس ميقاتي، الذي يحاول بشتى الطرق والوسائل الممكنة والمتاحة التخفيف من حجم الأضرار الناتجة عن توالي التطورات، والتي لم تكن واردة في الحسبان قبل تشكيل الحكومة. 
وفي قراءة موضوعية للواقع فإن إحتمالات حدوث تقدم سريع نحو إجراء الإصلاحات تبدو خجولة، وذلك نتيجة حتمية لتسارع الأحداث، التي تبدو آيلة إلى التفاعل في حال لم تُتخذ إجراءات حاسمة بالنسبة إلى إعادة وضع العمل الحكومي الجماعي على السكة الصحيحة. 
من هنا تبدو الحاجة إلى إنعقاد مجلس الوزراء أكثر من ضرورية لمعالجة تداعيات أزمة لبنان مع محيطه العربي، فضلًا عما ينتظره لبنان من محادثات مسعجلة مع صندوق النقد الدولي، حيث كان من المقرر حسم الأمور قبل رأس السنة، وقبل دخول البلاد في زمن الإنتخابات النيابية.  
فإنطلاقًا مما تكّون لدى الرئيس ميقاتي من خلال محادثاته المكثفة مع قادة الدول في “غلاسكو”، فإن على اللبنانيين تسهيل مهمة المانحين واللاعبين الخارجيين في تقديم المساعدة للبنان، أو أقله مدّه بما يلزم لكي يستطيع مقاومة موجة التآكل المتزايد لقدرات الدولة، منعًا لتسارع ما يمكن توقعه من أزمات إنسانية واضطرابات محتملة في الشارع.  
نحسب أن الرئيس ميقاتي قال لجميع الذين إلتقاهم في “غلاسكو” إن مساعدة لبنان لا تكون بتركه يواجه التحدّيات لوحده، خصوصًا أنهم يعلمون أن ما يواجهه لبنان من أزمات حادّة يفوق قدراته المحدودة، وهو غير قادر على الخروج من قعر الهاوية إن لم تبادر الدول الشقيقة والصديقة إلى مدّ اليد له وإنتشاله من عمق أعماق أزماته في اسرع وقت وقبل فوات الآوان.