بالرغم من التسريبات والمعلومات التي تتحدث عن انكفاء تيار المستقبل ورئيسه وعدم رغبتهم في المشاركة بالانتخابات النيابية المقبلة، الا ان المؤشرات الواقعية توحي بعكس ذلك، اذ ان المصلحة المباشرة لتيار المستقبل تكمن في خوض الاستحقاق النيابي.
اسباب كثيرة تفرض على المستقبل البقاء في الساحة بشكل مباشر، وخوض المعارك الانتخابية مهما كانت الخسائر الشعبية ولاحقا النيابية، وهذا ما لن يتمكن الرئيس سعد الحريري من تجاوزه مهما كانت رغبته بذلك كبيرة.من هنا رأى كثيرون ان تلميحات “المستقبل” عن انكفائه ليس سوى محاولة لرفع سقفه السياسي مع حلفائه قبل خصومه السياسيين، خصوصا انهم لم يتمكنوا حتى اللحظة من ايجاد بديل جدي في الساحة السنية وعليه سيكون بعضهم مضطرا لان يعاود التواصل معه قبل الانتخابات.
السبب الاول الذي يدفع الحريري الى خوض الانتخابات النيابية هو ان تركه الساحة السنية قد يدفع قوى اخرى الى ملء الفراغ السياسي بطريقة او بأخرى، ما سيضع حدا لقدرة “المستقبل” على العودة الى الساحة الشعبية والسياسية.السبب الثاني هو ان الانكفاء عن الاستحقاق النيابي سيعني حكما الانكفاء عن الاستحقاق الرئاسي وتراجع قدرة المستقبل على التأثير السياسي في لبنان لعدة سنوات في ظل خروجه نهائيا من البرلمان.السبب الثالث هو ان اعادة تصحيح علاقته مع المملكة العربية السعودية غير ممكنه الا في حال اعاد الحريري اثبات نفسه كأمر واقع شعبيا في الساحة السنية، ما يجعل الدول والقوى الوازنة، الراغبة في تعزيز نفوذها في لبنان، مضطرة ان تتواصل معه..السبب الرابع يكمن في ان الواقع الشعبي لتيار المستقبل، بالرغم من تراجعه، لا يزال وازنا لا يدفع الى مثل هكذا قرارات “انتحارية” بالمعنى السياسي، وعليه فإن التيار الذي لا يزال قادرا على ايصال كتلة نيابية قوية، فلماذا ينسحب من الحياة السياسية؟اذا، لا تزال الحاجة السياسية تمنع “تيار المستقبل” من الانكفاء الكامل، اذ ان المناورة لا تفرض التعاطي الجذري مع استحقاق بحساسية الانتخابات النيابية المقبلة، ولعل النشاط الانتخابي الذي بدأ يظهر ببطء لدى التيار الازرق في بعض الدوائر خير دليل على ذلك.