إنها الساعة الرابعة بعد الظهر. لا زحمة وطوابير أمام محطات الوقود لكنها شبه فارغة بعد وصول صفيحة البنزين إلى أكثر من 300 ألف ليرة لبنانية. البنزين بات متوافرا لكن قلقًا متزايدًا يصيب المواطنين نتيجة مشكلة يراها البعض أكبر من أزمة انقطاع مادة البنزين تتمثل بتعطل السيارات نتيجة “البنزين المغشوش”.
قبل أيام، وأثناء محاولة أحد الشبان تشغيل محرك سيارته تفاجأ بأن المحرك لا يعمل.
المشكلة لم تكن كهربائية، لكنه علم بعد نقل السيارة إلى أحد الاختصاصيين أن العطل يكمن في “طرمبة البنزين”، والسبب كما أفاد الاختصاصي أن هناك بنزينًا مغشوشًا يتم بيعه للمواطنين من دون رأفة أو أدنى شعور بالأزمة المعيشية التي تلقي بثقلها على المواطن الذي أصبح “يبق الدم” لكي يؤمن تعبئة صفيحة بنزين يتمكن التنقل من خلالها في أوقات الضرورة القصوى.
الشاب سعيد وهو معيل عائلة، واحد من بين هؤلاء المواطنين الذين تأثروا ببيع البنزين المغشوش.
يقول سعيد في منشور له على موقع “فيسبوك” معبرًا عن غضبه، أن الناس (يقصد التجار الغشاشين) أصبحت بقمة الأنانية وقلة الضمير، مشيرًا إلى عوضًا أن يتم تعبئة مادة البنزين في خزان الوقود في سيارته تفاجأ بتعبئة بنزين مخلوط بالمياه.
وقال: “اليوم عبيت بنزين على محطة… مشيت فيا شوي(بعدني كتير قريب على المحطه) بتوقف السيارة ليتبين انو كل يلي عبيتو كان مي مخلوطة مع بنزين ولما واجهت صاحب المحطة بيلي صار نكر الموضوع بحجة انو عم شوهلوا سمعة المحطة”.
فمن يتحمل المسؤولية؟ هل هو صاحب المحطة أم الشركة الموزعة/التاجر؟ أحد أصحاب محطات الوقود التابعة لشركة “توتال” أكد لـ”لبنان 24″ أن “بضاعة الشركة لا تزال حتى تاريخ اليوم بإمكانكك أن تفحصها أينما تريد”، لافتًا إلى أن “الشركة تمنع أن تدخل الى محطاتها بضاعة من شركة أخرى حيث هناك مراقبة روتينية”.
وأشار صاحب المحطة إلى بعض الحيل التي يقوم بها بعض أصحاب “اللا ضمير”، قائلًا: “البعض وضع سابقًا نبتة النعنع لتظهر المياه كأنها بنزين مما يتسبب بأعطال في السيارة كما إن البعض كان يقوم بخلط البنزين بمادة المازوت حين كان ثمن المازوت رخيصًا”، مشيرًا إلى أن “الشركة الموزعة ليس لديها مصلحة بتوزيع بنزين مغشوش ولا حتى صاحب المحطة لأنه في نهاية المطاف يضرب مصلحته”.
صاحب محطة أخرى أكد أن “الشركة التي تتبع لها المحطة تقوم كل شهر ونصف الشهر بفحص دقيق لمادة البنزين من حيث اللون والكمية إذ يتم التأكد من أن صاحب المحطة لم يقم بتزويد خزاناته ببنزين من مصدر آخر، أما وزارة الاقتصاد فتقوم بالتدقيق بالكيل لا أكثر ولا أقل من دون أن تفحص نوع البنزين”.
وأشار إلى أن “نوعيات البنزين لبعض شركات التوزيع ليست جيدة بغض النظر عن خلطها بمواد أخرى، كما أن هناك إمكانية أن يكون بعض التجار أيضًا الذين يشترون البنزين من الشركات المستوردة للنفط وتوزيعها على بعض المحطات يتلاعبون بنوعية البنزين، لكن صاحب المحطة لا يمكن أن يقوم ببيع بنزين مغشوش تفاديًا للضرر بمصلحته”.
وبالاتجاه إلى محطة أخرى أشار صاحبها لـ”لبنان 24″ إلى أن “الشركة الموزعة يستحيل أن تقوم بتوزيع بنزين مغشوش ولكن من الممكن أن يكون أحد التجار الذي يبيع البنزين في السوق الموازية”، لافتًا إلى “ظاهرة بيع غالونات البنزين على الطرقات حيث تضرر بعض المواطنين الذين اشتروا هذه الغالونات وتفاجأوا بأنه تم خلط عدد منها بمواد أخرى لتحقيق أرباح أكثر من دون الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المستهلك”.
وأضاف صاحب المحطة أن “بعض الشركات الموزعة تسمح لأصحاب المحطات بتزويد خزاناتها بالوقود من قبل تجار آخرين وهذه هي فرضية أخرى للبنزين المغشوش”، لافتًا إلى أن “الشركة تمنع صاحب المحطة من تزويد خزاناته من شركة أخرى غيرها”، ومؤكدًا على أن “هناك تدقيقًا دوريًّا بنوعية البنزين الذي يتم تعبئته قبل مباشرة بيعه للزبائن”.
ربما تتعدد الأسباب لكن النتيجة واحدة: أعطال في سيارات المواطنين التي بات إصلاحها مكلفًا جدًّا نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار، أما من هو المسؤول عن بيع بنزين مغشوش أو لا يفي بالنوعية الجيدة، فالجواب برسم وزارة الاقتصاد التي يقع على عاتقها التشدد بالمراقبة.