لم تغِب شظايا محاولة الاغتيال التي هزّت العراق مطاولة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عن الداخل اللبنانيّ السياسيّ الذي بدا مستنفراً ومستنكراً للتطوّر الخطير الذي تُرجم باستهداف طائرات مسيّرة مفخّخة فجر الأحد مقرّ إقامة الكاظمي في بغداد.
وفي وقت بقيت “العملية الفاشلة” خارج إطار التبني من أيّ جهة، ردّ الكاظمي على الهجوم الذي استهدفه بالدعوة إلى التهدئة وضبط النفس.
وإذ تزامنت العملية في توقيتها مع مرحلة يشهد فيها العراق توتّرات سياسية على خلفية نتائج الانتخابات النيابية المبكرة، وضعت مصادر سياسية لبنانية معارضة التصعيد في إطار أبعد من حدود العراق بل شامل للمنطقة، مشيرةً أنّ “تفجير الأوضاع عراقياً يؤكد المؤكد لجهة رفض المحور الايراني التنازل عن التوغل الايراني الذي تمارسه في المنطقة وتأكيد استعدادها للتشبث بمشروعها والوصول من أجله إلى أقصى الحدود بما يذكّر بعملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
والأكيد اليوم أن عدم الوصول إلى خواتيم مريحة في الملف النووي قد يكون مقدّمة لدوّامة عنف جديدة في المنطقة، فيما يبدو “حزب الله” أسير مواقفه لبنانيّاً”.
وإذا كان دويّ انفجار العراق قد سُمع صداه لبنانيّاً، إلا أن وقع صفرة الأزمات الداخلية يبقى الأقوى بعد تفجّر العلاقة بين لبنان ودول الخليج العربي وغياب انقشاع أيّ أفق للحلّ حتى الآن وسط تصعيد مباشر يعتمده “حزب الله” في وجه المملكة العربية السعودية.
ويرتقب استئناف نشاط السراي الحكومي اليوم الاثنين بالزيارة المقرّرة للأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي الساعة العاشرة والنصف صباحاً.
ويلي اللقاء زيارة يقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى مقرّ المجلس الاقتصادي والاجتماعي في وسط بيروت، حيث سيعقد لقاء حواري مع أعضاء المجلس.
وأفادت معلومات بأنّ مهمّة وفد الجامعة العربية إلى بيروت برئاسة حسام زكي ستقتصر على العملية الاستطلاعية والاطّلاع على وجهات نظر غالبية الأفرقاء اللبنانيين.
ويأتي ذلك في وقت تؤكد المعلومات تمسُّك ميقاتي بقراره إقالة قرداحي، كما هو متمسّك أيضاً بعدم استقالة حكومته الذي يبقى خياراً مستبعداً حتى اللحظة.
ولن يخرج ميقاتي عن خريطة بيانه الذي أطلقه في بعبدا.
أما مسألة عودة عقد الجلسات الحكومية، فلا تزال مرتبطة بالتوصّل إلى مخارج في موضوع المحقق العدلي طارق البيطار قبل الاتجاه إلى مناقشة قضية إقالة قرداحي.
وانضمّت قضية أحداث الطيونة – عين الرمانة أمس إلى المواضيع المتداولة بصوت مرتفع، إذ أشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد إلى أن “عين الرمانة ليست عنوان حرب وتقاتل إنما عيش مشترك مع محيطها.
ونترك للقضاء المستقلّ أن يأخذ مجراه في الأحداث وندعوه ليكون حيادياً تجاه الجميع”.
وفي سياق آخر، أكّد أن “حرصنا يواكبه حرص على أن تجري الانتخابات بإشراف الأمم المتحدة لضمان حرية الترشيح وأمن المرشّحين ونزاهة الانتخابات وضبط الانفاق المالي.
ويجب على المرشحين أن يكونوا شخصيات نخبوية مؤهلة للعمل السياسي والتشريعي”.
وبين انتخابات لبنان المرتقبة بعد أشهر وانتخابات العراق التي تلتها محاولة اغتيال الكاظمي، استبعدت مصادر لبنانية ضليعة في الشؤون الديبلوماسية أن “ينسحب واقع التصعيد السياسي العراقي المرتبط بخسارة الجناح السياسي الموالي لإيران 33 نائباً على الوضع اللبناني انتخابياً، باعتبار أن نتائج الانتخابات اللبنانية ليست إلى هذه الدرجة من الضبابية باستثناء الساحة المسيحية التي ستؤثر بالشكل الأكبر في التيار الوطني الحرّ.
وتبقى الأمور مسيطَرا عليها لبنانياً من المحاور التي تتمتع بالنفوذ مع فائض يتمتع به حزب الله شيعياً خلافاً لفقدان إيران الكتلة الشيعية الوازنة عراقياً”.
كما استبعدت “التوصل إلى حلول سريعة وسط المعضلة التراكمية حكومياً بدءاً من مسببات مرتبطة بانغماس حزب الله في حرب اليمن وتصريحاته المعادية للمملكة ودول الخليج وصولاً إلى مواقف وزير الإعلام مما أدى إلى مقاطعة شبه كاملة للبنان الرسمي”.
وفي وقت لا يبدو أن ثمّة إمكان للتوصل إلى حلول سريعة مرتقبة تفتح الطريق أمام عودة انعقاد الجلسات الحكوميّة قريباً، اقتصر الحراك السياسي أمس على التفاعل مع واقعة العراق عبر إصدار البيانات وإجراء الاتصالات.
واعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون أن محاولة الاغتيال “تستهدف ليس فقط شخص الرئيس الكاظمي، بل كذلك الاستقرار والأمن في العراق والجهود المبذولة في سبيل تعزيز الوحدة الوطنية العراقية وتفعيل الاقتصاد الوطني وتوفير حياة هانئة للشعب العراقي الشقيق”.
كما أجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاً بالكاظمي، هنأه بالسلامة بعد نجاته من محاولة الاغتيال التي تعرض لها ومتمنّياً لـ”العراق الشقيق دوام الأمن والاستقرار”.
من جهته، اتصل رئيس مجلس النواب نبيه بري بالكاظمي مطمئناً الى صحته ومهنئاً بسلامته.
وأبرق بري مستنكراً محاولة الاغتيال.
كذلك، أبرق الرئيس سعد الحريري مستنكراً “محاولة الاغتيال الآثمة التي تعرض لها الكاظمي”، وداعياً “الله أن يحمي العراق وشعبه من كل شرّ”. ودان رئيس حزب “القوات اللبنانية” محاولة الاغتيال في بيان، معتبراً أن “محاولة الاغتيال تعرّض لها الكاظمي ليس لسبب، إلا لأنه أشرف على تنظيم انتخابات حرة نزيهة وشفافة، ولأنه يعمل على الوصول الى دولة فعلية حقيقية في العراق”.
وعبّر الحزب التقدمي الاشتراكي عن رفضه المطلق لأسلوب الاغتيالات، شاجباً “كل عمل يهدّد استقرار العراقيين”.
ودعا “حزب الله” في بيان إلى “بذل الجهود الصادقة والمخلصة لمنع الفتنة وللحفاظ على الأمن والاستقرار ومعالجة الخلافات السياسية بالحكمة والحوار”.
إلى ذلك، دانت وزارة الخارجية والمغتربين محاولة الاغتيال، مشيرة في بيان إلى “وقوفها إلى جانب العراق، في سبيل تعزيز وحدته وسيادته واستقلاله، وتوفير الهدوء والرّخاء لشعبه الشقيق”.