لا يبدو أن طريق وفد الجامعة العربية برئاسة الأمين العام المساعد حسام زكي الذي يجول على الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي اليوم ستكون مفروشة بالورود، خصوصا أن الجامعة التي تعتبر الحاضن لكل الأشقاء العرب، لم تسرع في إتخاذ موقف حاسم حيال الأزمة الدبلوماسية بين لبنان والسعودية على خلفية تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي، بل إكتفت ببيان كان عبارة عن “أضعف الايمان” في التعاطي مع تطور خطير على صعيد العلاقات العربية ـ العربية.وعلى قاعدة “أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي”، ستقوم الجامعة العربية بواجبها في إمكانية رأب الصدع، لكن الخطوة السعودية بالطلب من الطواقم الدبلوماسية في السفارة المغادرة، كانت عبارة عن رسالة سلبية لوفد الجامعة الذي قد يكتفي بإعداد تقرير يشير الى صعوبة الأزمة في ظل التصلب في المواقف والانقسام العمودي الذي عاد ليرخي بثقله على الواقع اللبناني، في ظل رفض المعنيين الاستجابة للوساطات التي تفتش عن قواسم مشتركة يمكن البناء عليها لمعالجة الأزمة..
حتى الآن، لم يتمكن أحد من فتح ولو ثغرة بسيطة في جدار الأزمة التي تتأرجح بين جهات أربع.
أولها، عدم إستقالة الحكومة التي يُجمع كل الفرقاء المحليين والدوليين على ضرورة بقائها كونها تشكل الفرصة الأخيرة.
وثانيها، عدم إستقالة الوزير قرداحي بدعم من حزب الله، فيما يتهيب سليمان فرنجية تقديمه “كبش فداء” لهذه الأزمة خصوصا أن تصريحاته جاءت قبل توزيره وأن وزير الخارجية السعودي أكد أن الأمر لا يتعلق بتصريح وزير بل بالهيمنة التي يفرضها حزب الله على الدولة اللبنانية.
وثالثها، الرفض القاطع للمملكة السعودية الاستجابة لوساطات الدول الأجنبية والعربية للتخفيف من الاجراءات العقابية تجاه لبنان.ورابعها، فشل كل الاتصالات الداخلية حتى الآن، والهادفة الى تليين المواقف والتوافق على صيغة تعيد وصل ما إنقطع مع الدول الخليجية.ويضاف الى كل ذلك، قضية كف يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار التي تمنع إجتماع الحكومة منذ 12 تشرين الأول الفائت لاتخاذ القرارات المناسبة حيال المستجدات، ما يدفع رئيسها نجيب ميقاتي الى عقد جلسات إفرادية وجماعية للوزراء بهدف تسيير شؤون المواطنين ومعالجة الملفات الملحة لا سيما تلك التي تتعلق بمعيشة الناس.أمام هذا الواقع، يبدو واضحا أن الأزمة دخلت منحى خطيرا في ظل التصعيد المتبادل والتصلب في المواقف، ولجوء كل فريق الى “لاءات” لم يعد قادرا على التخلي عنها أو التهاون بها، فالرئيس ميقاتي الذي رسم خريطة طريق واضحة المعالم لآليات العمل الحكومي وحظي بدعم وطني وسني، يتمسك ثلاث “لاءات” تتلخص بـ”لا تدخل في عمل القضاء، ولا للقطيعة مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، ولا تخل عن مهمة الانقاذ”.في حين يتمسك حزب الله بـ”لاءات” مماثلة لجهة، “لا لبقاء المحقق العدلي، ولا لاستقالة قرداحي، ولا للرضوخ للشروط السعودية”.تشير مصادر سياسية مطلعة الى أنه في ظل هذه “اللاءات” تبقى بوادر الحلحلة بعيدة المنال، لافتة الى أن الجامعة العربية قد تلعب دورا مساعدا عبر وفدها، لكنها لا يمكن أن تنتج الحل المنشود الذي يبقى على مستويين إثنين، الأول تفعيل الاتصالات الداخلية لا سيما على صعيد تدخل إيجابي للرئيس نبيه بري مع حزب الله، لأن الكل يدرك بأن الآتي سيكون أعظم على كل الصعد لا سيما الاجتماعية والانسانية، والثاني الاتصالات الدولية الضاغطة مع السعودية لاعادة النظر في قراراتها حيال لبنان.وتقول هذه المصادر: إن الاتصالات الدولية الجارية مع السعودية تحتاج الى “ريق حلو” تجاه المملكة وهذا شأن لبناني صرف، مشددة على أن المصلحة الوطنية العليا ومصالح اللبنانيين مقيمين ومنتشرين تبقى أهم من كل المصالح الأخرى، ومن إستقالة هذا الوزير أو ذاك.