المدارس الخاصة و”الخوّات”

9 نوفمبر 2021
المدارس الخاصة و”الخوّات”

كتبت فاتن الحاج في الأخبار:
 
على مر عقود، نجحت المدارس الخاصة في فرض نفسها معياراً للتعليم الجيد، مستغلة ضعف الدولة وعجزها عن تأمين تعليم رسمي متكافئ، ولا سيما بعد الحرب الأهلية. وبقيت متيقّنة من أن أي تعميم يصدر عن الوزارة لا يرضيها أو يحاول الاقتراب من أرباحها غير المشروعة لا يمرّ حتماً.

ولا يبدو، أساساً، أن لدى وزير التربية نية لإصدار مثل هذا التعميم الذي يضع حداً للابتزاز. وهو لم يأل جهداً، منذ توليه الوزارة، بإمداد المدارس بجرعات دعم مستمرة، تارة عبر تبرير «الخوات» غير القانونية التي تتقاضاها من خارج القسط، بالقول إنها «مؤسسات مأزومة ومغلوب على أمرها في مصاريفها التشغيلية»، وطوراً في السعي الحثيث مع النائبة بهية الحريري لاستصدار قانون يمنح المدارس 350 مليار ليرة من الخزينة العامة، وهكذا صار، فيما تتجه الأنظار إلى الوزير شخصياً لإصدار الآلية التنفيذية من أجل تحديد كيفية صرف المساهمة المالية، بما يتضمن الوضوح والشفافية والالتزام بوجهة الصرف.
هل يعلم الحلبي، مثلاً، أن أيّاً من إدارات المدارس لم تخبر لجان الأهل، المنتهية ولايتها أصلاً منذ سنة، بأنها ستفرض «تبرعاً» إلزامياً بالـ«فريش» دولار وتضع الأهالي تحت الأمر الواقع؟ وكيف يمكن أن يسمح لمدرسة تضم 3000 تلميذ بأن تتقاضى 450 دولاراً على التلميذ الواحد، أي ما مجموعه مليون و350 ألف دولار، ويبرر لها هذا «الفعل المشبوه» بأنه مساهمة في تأمين مصاريف تشغيلية أو تمويل زيادة على رواتب المعلمين، إذا كان عدد المعلمين لا يتجاوز 250 معلماً؟ذريعة «المصاريف التشغيلية» لا تنطلي على الأهل، ولا سيما في بعض المدارس التي تعتمد الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء أو تلك التي اعتمدت 3 أيام تعليم في الأسبوع، في حين أن 5 في المئة فقط (لا تتجاوز 50 مدرسة) من مجموع المدارس الخاصة تدفع اشتراكات الـ 6 درجات الاستثنائية للمعلمين لصندوق التعويضات، وأن هذه الاشتراكات مع فروقاتها كان يجب أن تسدّد للصندوق منذ عام 2017، تاريخ إقرار سلسلة الرتب والرواتب، علماً بأن المدارس أخذت قيمة هذه الدرجات من الأهل.هل يدرك الوزير أن كل المدارس الخاصة تتفلّت من أي ضريبة على الأرباح رغم العمليات التجارية والأنشطة الملحقة التي تقوم بها خارج إطار التعليم (مثل فتح الملف والقرطاسية والكتب والنقل والأنشطة اللاصفية وغيرها)، والتي يدفع الأهالي بدلاتها من خارج الأقساط، وسط غياب شبه كامل لمراقبة النفقات من جانب الأهل ووزارة التربية على السواء، فيما تزخر الموازنات المدرسية ببنود وهمية مثل «التجديد والتطوير» و«الاستهلاكات» وغيرها، والتي تذهب بمعظمها إلى أصحاب الرخص؟

المصدر:
الأخيار