تبريد”الرؤوس الحامية” اولوية لانجاح مساعي الحل مع السعودية

11 نوفمبر 2021
تبريد”الرؤوس الحامية” اولوية لانجاح مساعي الحل مع السعودية

حدثان قد يكونان مترابطين زمنيًا وسياسيًا. 
الأول إقدام المملكة العربية السعودية على قطع علاقاتها الديبلوماسية مع لبنان بعدما طفح كيلها من بعض التصرفات “العدائية” تجاهها. وقد جاء تصريح وزير الإعلام جورج قرداحي في غير محلّه، فصبّ الزيت على النار، خصوصًا بعدما تبنّى “حزب الله” موقفه، وأصرّ عليه بعدم تقديمه إستقالته “لأنه لم يخطىء”. 

أمّا الحدث الثاني فتمثّل بزيارة وزير خارجية دولة الأمارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد في أول زيارة من نوعها منذ بدء الأزمة السورية قبل أكثر من 10 سنوات، ناقلًا رسالة إماراتية إلى الرئيس السوري حافظ الأسد، بالتزامن مع ما سبق هذا الحدث من حديث حول تقارب سوري – أردني. 
ما يهمّنا نحن في لبنان بالنسبة إلى الحدث الثاني أنه جاء على اثر توتّر العلاقة بين الرياض وبيروت، على رغم ما بين هذين الحدثين من مؤشرات يجب التوقّف عندها لمعرفة الإتجاهات الإقليمية، في الوقت الذي يتخبّط فيه اللبنانيون بخلافات داخلية لها إرتباطات خارجية وفق أجندّة يتحدّد توقيتها على غير الساعة اللبنانية. 
وهذا يعني في رأي بعض أصحاب الرأي والمشورة أن البعض لا يزال يراهن على متغيرات في الوضع الإقليمي ستعيد عقارب الساعة إلى الوراء، خصوصًا أنه قد ثبت للبنانيين، وبالوجه الشرعي، أن لا غنىً لهم عن عمقهم العربي الطبيعي، وهو أمر محسوم في مقدمة الدستور. فـ “لبنان عربي الهویة والانتماء وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربیة وملتزم مواثیقها، كما هو عضو مؤسس و عامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثیقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتجسد الدولة هذه المبادئ في جمیع الحقوق والمجالات دون استثناء”. 
إلاّ أن ذلك لا يعني بالضرورة التخّلي عن صداقات لبنان الأخرى، ولكن ليس على حساب التضحية بعلاقاته التاريخية مع الدول العربية، وبالأخص مع المملكة العربية السعودية، حيث يوجد فيها أكبر جالية لبنانية من بين سائر دول العالم. 
فبدلًا من سكب الملح على الجرح النازف كان من الواجب على جميع المعنيين تسهيل مهمّة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي لم يترك، ولن يترك وسيلة إلا وسيستخدمها بهدف إعادة وصل ما إنقطع من علاقات بين لبنان ودول الخليج وبشكل خاص السعودية واعادة إعادة الثقة بينهما، والتي أدّت بعض المواقف، التي يمكن وصفها بأنها غير مسؤولة، إلى تعكير صفوها وهزّ ركائزها. 
فإذا لم يبرّد بعض الذين يحاولون التغريد خارج السرب العربي رؤوسهم الحامية، وإذا لم يعيدوا حساباتهم، وإذا لم يبدّوا مصلحة لبنان على أي مصلحة أخرى، فإن كل المساعي الجارية على أكثر من قناة تواصل وإتصال تبقى من دون جدوى، بإعتبار أنه من المهم جدًّا أن يعرف الجميع، وعلى رأسهم “حزب الله”، أن لا مناص من إعادة وصل ما إنقطع، وأن لا غنىً للبنان عن عمقه العربي الطبيعي، وهو الذي كان العرب يتكلون عليه لرأب أي صدع في التركيبة العربية، وكان له دور توحيدي رائد، وذلك نظرًا إلى ما كان يتمتّع به من علاقات متوازنة وممتازة مع جميع أشقائه. 
قد لا يكون تزامن محاولة إعادة دمشق إلى حضن جامعة الدول العربية بمبادرة من أبو ظبي مع تدهور العلاقات بين بيروت ومعظم دول الخليج مجرد صدفة، وهذا ما يجب التنبّه إليه، والعمل وفق أولويات المصلحة اللبنانية، التي تكون بطبيعة الحال بعودة علاقاته مع الرياض وسائر عواصم الخليج العربي إلى سابق عهدها وإلى طبيعتها المعتادة. 
فضعوا قليلًا من الماء من كؤوسكم الحمراء. وروقوا يا شباب على وضعكم.