بعد رفع الدعم عن المحروقات، وارتفاع أسعارها إلى مستويات قياسية، وما تبعها أيضا من ارتفاع في فاتورة اشتراك المولدات الخاصة، بدأ الحديث في الكواليس عن ضرورة رفع تعرفة الكهرباء، بالتوازي مع اقتراب موعد استجرار الطاقة من مصر والاردن. ولكن، رفع الفاتورة سيزيد من الضغوطات المعيشية على المواطنين، وخصوصا وأن أغلبية الرواتب لا تزال على حالها، والكثير منهم فقدوا عملهم نتيجة الازمة الاقتصادية والمالية وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية. في المقابل، استبشر اللبنانيون خيرا مما قاله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عن أن الكهرباء ستُصبح من 10 إلى 12 ساعة في اليوم قبل نهاية السنّة، ما سيُؤدي حكما إلى انخفاض فاتورة المولدات الكهربائية.
وقد وضع البنك الدولي الاصلاح في قطاع الكهرباء، كشرط أساسي لتمويل خطّة استجرار الطاقة إلى لبنان. ويرى مراقبون أن من أهمّ شروط الاصلاح الجباية على كافة الاراضي اللبنانية ووقف الهدر وملاحقة المعتدين على الشبكة الكهربائية وتعيين هيئة ناظمة لكهرباء لبنان، وجذب المستثمرين عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ويُوضح المراقبون أن تمويل البنك الدولي هو بمثابة قرض. وعليه، يتوجب على الدولة تأمين البدل المادي لتسديده، فأتى طرح رفع التعرفة. ويُضيفون أن لا دولارات لدي مصرف لبنان لتمويل استجرار بواخر الفيول لمعامل الكهرباء، ولا بديل الان إلا الخطّة الحالية مع مصر والاردن وسوريا.
وفي هذا السياق، تقول عضو المجلس الاستشاري للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز ديانا القيسي لـ”لبنان24″ إنّ “البنك الدولي كان صريحا جدّاً عندما أعلن في أيلول الماضي أنه سيمنح لبنان قرضا وليس منحة، لاستجرار الغاز من مصر، واستعماله لتوليد الطاقة في معمل دير عمار، بالاضافة إلى تأمين الكهرباء من الاردن عبر سوريا فلبنان”. وتُشدد على أن “البنك الدولي لا يوافق أن تستمر الدولة بجباية الكهرباء على أساس 135 ليرة لبنانية لكل كيلوواط”. وترى أن هذه “التسعيرة غير منطقية، فاقترح رفع تسعيرة الكيلوواط إلى 2000 ليرة لبنانية”.
وتُشير القيسي إلى أن “المهم أن تصل الدولة ووزارة الطاقة إلى تأمين 3000 ميغاواط لتغطية كافة المناطق اللبنانية وحاجة لبنان من الطاقة لـ24 ساعة على 24، لكي نستغني عن المولدات الخاصة، وتسعيرتها المرتفعة التي هي بحدود 6000 ليرة لبنانية لكل كيلوواط. وتُؤكد أن “المهم من خطوة رفع تعرفة الكهرباء، الاستغناء عن الفاتورة الثانية الخاصة بالمولدات، وذلك عبر تأمين التيّار الكهربائي”. وتُوضح أن “مشكلة كهرباء لبنان هي أنها كانت تعطي المواطنين الطاقة بخسارة، وخصوصا مع سياسة الدعم”.
وتلفت إلى أن “استجرار الطاقة من مصر والادرن لن يُؤمن حاجات لبنان الكاملة من الكهرباء”. وتُضيف أنه “من الضروري إنشاء معامل جديدة للطاقة، وتأهيل القديم منها، بالاضافة إلى وضع عدادات ذكيّة، وتأمين الطاقة من الغاز والفيول والغاز أويل، والعمل على الطاقة المتجددة والنظيفة…”. وتعتبر أن “لبنان سيشهد قفزة نوعية إن تأمّنت الكهرباء حتّى نهاية العام، من 4 ساعات إلى 12 ساعة”. وتقول إن “هذه خطوة كبيرة للحكومة، ويبقى الاهم تأمين الكهرباء 24 ساعة في اليوم”. وتُتابع أن “الالتزام بتأمين 1200 إلى 1300 ميغاواط حاليا جيّد، لتغطية نصف الحاجة”.
وتعود القيسي لتُؤكد أن “رفع تعرفة الكهرباء أصبح واقعاً”. وترى أنه “من الناحية الإيجابية، سيُوفر المواطنون من كلفة المولدات الخاصة التي تخطت المليوني ليرة للـ10 أمبير. وتدعو “للبحث عن حلول تساعد لبنان على النهوض من العتمة الشاملة، وعدم الاتّكال على حلول وجيزة، كما حصل بالنسبة إلى الباخرتين التركيتين. فالشبكة انهارت فجأة مع توقفهما عن العمل، وخسر لبنان تغذية الـ400 ميغاواط بسرعة”. وتُشير إلى أن “الحل الانسب هو المطروح حاليا، عبر استجرار الكهرباء، وتأمين 12 ساعة من التغذية، والبدء بالاصلاحات. وتختم قائلة، إن “البنك الدولي ليس بعيدا عن صندوق النقد الدولي، “وماشيين إيد بإيد”.