اللبنانيون “غرباء” في بلدهم… وقرداحي “يا غافل إلك الله”

13 نوفمبر 2021
اللبنانيون “غرباء” في بلدهم… وقرداحي “يا غافل إلك الله”

لعلّ أصدق ما يُعبّر عن فداحة الواقع المأسوي الذي وصل إليه لبنان، مع تدحرج الأزمات غير المسبوقة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية على السواء، هو ما أشار إليه المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر الذي قال أمس، إثر ختام مهمّته التي استمرت أسبوعين لدراسة الفقر في لبنان، إنه “مندهش جدّاً من حقيقة أن هذه دولة في طريقها للفشل، إن لم تكن فشلت بالفعل، وحاجات السكان لم تلبَّ بعد… يعيشون في عالم خيالي، وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل البلاد”.

ولم يلبث أن انضمّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى مشهدية التحسّر في ليلة بدا وكأنّها أشبه بليلة “البكاء على لبنان” أو ليلة “الشعور بأننا غرباء في هذا البلد”، وفق المصلحات التي استخدمها الراعي من دار طائفة الموحدين الدروز، مشيراً إلى أن “شعبنا يفتقر والدولة تتحلّل ونحن نحمّل هذه المسؤولية لنسمع شعبنا كلمة رجاء وأمل للمستقبل ودورنا مخاطبة ضمائر المسؤولين”.

ونوه الراعي بالعلاقة مع الموحدين الدروز معبّراً عن أمله “البدء مع شيخ العقل بفجر جديد لأننا أصبحنا في عالم جديد وضميرياً لا يمكننا أن نكون في موقع المتفرّج ونحن ليس لدينا مصالح إلّا مصالح شعبنا”.

فيما أكد شيخ العقل سامي أبي المنى الحرص على “الدور الذي تقوم به بكركي ونأمل أن نكون معاً من أجل لبنان الواحد الذي أصبح في وضع يرثى له.

ونحن مسؤولون عن خلق جو ايجابي في البلد ومهمتنا ليست مهمة سياسية لكن علينا أن نمهد الطريق لخلق هذا الجو الايجابيّ”.

لكن يبدو أن “لا حياة لمن تنادي” على طريقة أن “السماء ماطرة” لا أكثر، في مقاربة الأيادي التي كان لها أن تسبّبت بالوقائع العاصفة، وصولاً إلى الأزمة الديبلوماسية غير المسبوقة مع دول الخليج العربي.

وإذ لم يتردد وزير الاعلام جورج قرداحي أمس خلال لقاء جمعه برئيس مجلس النواب نبيه بري في “عين التينة” في اعتبار أن “الآراء منقسمة بين مؤيّد ومعارض” لاستقالته بعد تصريحاته، قائلاً إنّ “الموضوع أخذ أكبر من حجمه”.

وعلى طريقة “يا غافل إلك الله”، اعتبر قرداحي أنه “على علاقة جيّدة مع السعودية ولكن لا أدري ماذا حصل مؤخراً”.

وأشارت معلومات أن الغاية من زيارة قرداحي وإن كانت تمثلت في عنوانها العريض ببحث شؤون وزارة الاعلام، إلا أنها تطرقت إلى الأزمة مع الخليج مع البحث في سبل الحلّ الممكنة.

وأفادت المعطيات بأن قرداحي حضر بصورة المستعدّ لتقديم استقالته لكنه يشترط تأمين ضمانات بأن استقالته لن تكون مجانية بل تساهم في عودة المياه إلى مجاريها، وفق ما دار في المباحثات مع بري.

وعُلم أن الزيارة لم تكن محض موعد شخصيّ أو متعلق بوزارة الاعلام خلافاً للعنوان العريض الذي عبّر عنه قرداحي، بل رتّبت على صعيد متفق عليه بين أكثر من فريق سياسي، في إطار ايصال رسائل سياسية مفادها ربط الاستقالة باشتراطات ونتائج مكفولة أولاً.

ولم يتردد قرداحي في تأكيد هذه الإشارات بقوله إنه “لا ضمانات إيجابية لي حتّى الآن. وأنا ملتزم بقرارات الحكومة والبطريرك الراعي”.

ولم يشكل لقاء قرداحي في “عين التينة” أي بارقة أمل لتخطي الأزمات، فيما لا يزال يتمثل الرأس الثاني للتحديات الكبرى بعدم القدرة على عقد جلسات مجلس الوزراء.

وأكدت معطيات “لبنان الكبير” أن الحكومة ستعتمد في المرحلة المقبلة سياسة العمل بحسب الملف أو بما عرف لبنانياً بمصطلح “على القطعة” في غياب أي أفق لعودة انعقاد جلسات مجلس الوزراء في وقت قريب.

وأشارت إلى أن الحكومة تعوّل على امكان التوصل إلى إقرار الجزء الأول من البطاقة التمويلية عند انعقاد اي جلسة نيابية مقبلة، حيث يشار الى أنها ستشمل في مرحلة اولى ما يقارب 200 ألف عائلة من أصل ما يقارب 750 ألف عائلة يرجح أن تستفيد من البطاقة.

وتسارع الحكومة عقارب الساعة في هذا الموضوع، في ظلّ الارتفاع غير المسبوق لسعر صرف الدولار الذي يرجح خبراء اقتصاديون أن يشهد ارتفاعات اضافية في الايام المقبلة نتيجة غياب عامل الثقة مع استفحال الازمة السياسية من جهة، واستكمال خطوات رفع الدعم عن المحروقات من جهة ثانية.

وإذا كان أمس قد اتصف بيوم اللقاءات المكوكية في الزمن اللبناني الصعب على غير صعيد، فقد برز جلياً الاجتماع الحكومي – الأممي الذي ترأسه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا الحكومية.

وتم البحث في النسخة الأولى من استراتيجية الحماية الاجتماعية التي وضعت بالتعاون بين الحكومة والمؤسّسات الأممية التي شملت اليونيسف ومنظمة العمل الدولية ومنظمة الاغذية العالمية.

وأشارت المنسقة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان نجاة رشدي إلى أنّ “الاجتماع كان مهماً جداً في ما يخصّ إطلاق استراتيجية الحماية الاجتماعية”، لافتة إلى أنّ “الحكومة اللبنانية كانت قد طالبت الأمم المتحدة أن تساعد في أول نسخة لهذه الاستراتيجية، وقدّمت النسخة الأولى التي وضعت بمشاركة من المؤسّسات الأممية بما فيها اليونيسف، ومنظمة العمل الدولية ومنظمة الأغذية العالمية، كجزء من إطار التعافي والإصلاح واعادة الإعمار”.

وبدورها، صرّحت ممثلة اليونيسف المقيمة في لبنان يوكي موكيو، بأنّه “الوقت المناسب من أجل أن يكون للبنان استراتيجية وطنية للحماية الاجتماعية في ظلّ هذه الظروف الصعبة”، مؤكدةً أنّ “تقديم رئيس الحكومة والوزراء المعنيين والمستشارين النسخة الأولى منها هي خطوة مهمة من أجل أن يكون للبنان استراتيجية شاملة للحماية الاجتماعية التي وبحسب رأينا، يجب أن تكون على خمس مراحل: المساعدة النقدية، الخدمة الاجتماعية، الوصول إلى الخدمات الأساسية، إدراج العمال ودمجهم، والمساهمة في دعم صندوق الضمان الاجتماعي”.

وخلصت إلى أنه “نتمنى أن تكون هناك متابعة من اللجنة الفنية وبعدها تصادق الحكومة وتتبنى هذه الاستراتيجية التي هي مهمة لمستقبل لبنان وللشعب اللبناني”.

وفي سياق آخر، عقد ميقاتي اجتماعاً مع وفد من اتحاد المحامين العرب حضره نقيب محامي الشمال محمد المراد، الذي أشار عقب اللقاء إلى أننا “جئنا لنؤكّد دور المؤسّسات، سواء على مستوى النقابات ونقابات المحامين، فنكون إلى جانب تعزيز دور المؤسّسات واحترام استقلال السلطة القضائية وبذلك تحقّق أهداف رعاية وتحصين لبنان وشعبه ومؤسّساته”.