“السجناء الزرق”.. احكام بالمؤبد “الى حين الشفاء”

17 نوفمبر 2021
“السجناء الزرق”.. احكام بالمؤبد “الى حين الشفاء”

الى “المبنى الأزرق” في سجن رومية رحلة لا تشبه غيرها من التجارب، حيث لا صلة بين هؤلاء بالعالم الخارجي، ولا قانون ينصفهم فُحكم عليهم بعبارة: “كل مجنون أو معتوه أو ممسوس ارتكب جرما يبقى في السجن إلى حين الشفاء”. فمن هم “السجناء الزرق”؟ 

 
هم سجناء، بعضهم نسي اسمه حتى، ربما ليس ثمة من يسأل عنهم كأنهم في المنفى، هناك حيث “المبنى الأزرق”، التابع لسجن رومية المركزي، والذي يعود تاريخ بنائه الى اكثر من 50 عاماً، بمبادرة فردية من شقيق أحد المرضى النفسيين الذين نُقلوا الى هذا المبنى كي لا يختلطوا مع غيرهم من السجناء. وبقي السجين في هذا المبنى ما يُقارب الـ42 عاماً الى حين وفاته. اذاً، هؤلاء السجناء هم من أصحاب الاضطرابات النفسية والعقلية، وبعضنا قد يتفاجأ بوجودهم، أو تختلط افكارنا في مقاربتنا لجرائمهم واحكامهم، امّا عقوباتهم فمؤبدة مهما كان الجرم “الى حين الشفاء”.  
تنقل المخرجة والممثلة زينة دكاش هذه التجربة الى المتلقي، بفيلم يحمل عنوان “السجناء الزرق”، الذي نال جوائز عدة، كما عُرض في “مهرجان البندقية” العام الفائت، وهو الفيلم الوثائقي الثالث لزينة من داخل السجن، بعد عمليها “12 لبناني غاضب” و”يوميات شهرزاد”. 

تقول زينة دكاش في حديث لـ”لبنان24″ إنها “فوجئت بوجود هذه الفئة من المساجين في “رومية”، لكن لا أفهم كيف يسمونهم “مجانين”، حتما هم مرضى ومعرضون لارتكاب الجرائم اكثر من غيرهم ولكن عبارة الى حين الشفاء تعني الحكم بالمؤبد”. مقاربة استفزت دكاش العاملة ايضاً على أسلوب العلاج بالدراما، فدخلت المبنى الأزرق في العام 2013، متعهدة السير بالعلاج، لاشخاص فقدوا الذاكرة او ربما أرادوا فقدها بارادتهم. وتقول زينة: “قيل لنا في وزارة الصحة انه لا يوجد ميزانية لمعالجة المرضى السجناء، وهناك عجز اصلاً في الموازنة، فقدمت مشروع تمويل للاتحاد الأوروبي وفعلا حصلت على تمويل دعم لأربع سنوات. ونفذنا مع المرضى مسرحية في العام 2016، كانوا هم ابطالها”. 

وبعيداً عن العلاج بالدراما والدعم المادي، يوجد اليوم في ادارج المجلس النيابي مشروع قانون، تقدمت به زينة من خلال مركز “كثارسيس للعلاج بالدراما” الذي ترأسه، وبالتعاون مع وزارة العدل ويتعلق بحماية السجناء الذين يعانون من أمراض نفسية. والهدف الأساس من القانون هو تغيير المفاهيم بالدرجة الأولى، “البداية مع تغيير العبارات فلا يجوز ان نطلق على هؤلاء السجناء لقب المجانين، وكذلك نسعى الى تبديل المادة التي تقول “الى حين الشفاء” واستبدالها بعبارة “الى حين عدم تشكيل خطر على نفسه وعلى الاخرين” تؤكد دكاش مشيرة الى انه يجب العمل ايضاً على تخفيض العقوبات من خلال لجنة تتابع الحالة النفسية والصحية للسجين”. 
العلاج بالدراما  
الفيلم يظهر عمل 3 سنوات قضتها دكاش مع “السجناء الزرق”، تشرح بفرح كيف تغيرت احوالهم الى الأفضل وهذا “خير دليل على التعافي من السجن الأكبر”، تقول دكاش: “سنستمر بالعمل مع السجناء وسنقدم كل الدعم النفسي والاجتماعي، والدعم ايضاً بالدراما حيث السبيل الى الحياة، ولكن طبعاً اليوم جائحة كورونا قللت من زيارتنا الى السجون”. 
الى ذلك، يمكن مشاهدة الوثائقي من خلال شراء بطاقة افتراضية او الحصول على “كود” بما يعادل الـ50 الف ليرة لبنانية ومشاهدة الفيلم الذي يُعتبر من اهم الأفلام العاملة على مستوى دعم القضايا وتعديل القوانين، والكشف عن خفايا واقع أليم، ربما لم نتنبه يوما الى وجوده بيننا.