يقول بعض المتابعين للازمة اللبنانية إن عملية الاصلاح غير ممكنة في النظام الحالي وأن خوض اي معركة اصلاحية في ظل التوازنات والصيغة السياسية الحالية سيؤدي حتما الى الفشل او الى الصدام الاهلي والحرب الاهلية.
لذلك فإن الخيارين المتاحين امام المعنيين، غير خوض معركة الاصلاح، هما، اما انتظار التسوية الكبرى في المنطقة والتي سيكون لبنان جزءا منها حتما وبالتالي حصول الانفراج الموعود، او ترك الانهيار المالي والاقتصادي يأخذ مجراه حتى النهاية.
اصحاب النظرية الاخيرة يرون ان الاصلاح الحقيقي لن يحصل الا على حطام النظام او الصيغة الدستورية الحالية، وبالتالي ، فلكي تكون امكانية التغيير جدية يجب ان تترافق مع الخراب التام، ليتم بناء النظام من جديد، بمعنى اخر، عقد مؤتمر تأسيسي.
وبحسب مصادر مطلعة فإن حزب الله مثلا من اصحاب نظرية عدم امكانية خوض معركة الاصلاح، وعليه فهو يؤمن بأن التسويات الاقليمية قد تشكل مدخلا لوضع حد للازمة الاقتصادية، اي ان السياسة هي اصل الازمة وستكون اصل الحل.
من تبعات الانهيار الكامل سقوط الهيكل السياسي، وانفراط عقد المؤسسات الدستورية والامنية ما يعني ان عقدا اجتماعيا جديدا سينشأ، وهذا ما يراه البعض من زاوية ايجابية، اي انه ينهي مسيرة الصيغة التي اوصلتنا الى الازمة المالية والنقدية والاقتصادية الحالية.
لكن الذهاب الى مثل هكذا خيار ليس مضمون النتائج، اي ان الانهيار الذي قد يدمر كل الهيكل المؤسساتي في الدولة، لن يوصل الى نتائج مضمونة، فمن يضمن مثلا عدم حصول اشتباك سياسي ميداني، او اقتتال داخلي؟ من يضمن ان المسار سيكون الوصول الى تسوية سياسية والى عقد اجتماعي جديد ومقبول من الجميع وبسرعة آمنة؟
باتت الدول الغربية ترى في الانهيار الاقتصادي قي لبنان سلبيات اكثر من الايجابيات، وهذا ما ادى الى وضع حد للانزلاق الكبير، لكن ما سرب امس من توصيات اسرائيلية للغربيين بعدم مساعدة لبنان الا بعد تحقيق شروط تعجيزية مرتبطة بحزب الله، قد يعيد امكانية الانهيار الى ساحة البحث الجدي. فهل يكون الانهيار الحاصل بابا للخلاص او مدخلا لمزيد من المعاناة؟