الدخول التركي على خطّ الأزمة بين لبنان والخليج…”المقطوعة”

17 نوفمبر 2021
الدخول التركي على خطّ الأزمة بين لبنان والخليج…”المقطوعة”

على طريقة الاحتكام إلى وسيلة مساعدة قائمة على استعانة قصر بعبدا “بصديق”، استُهلّت زيارة وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو أمس إلى لبنان بلقائه رئيس الجمهورية ميشال عون.

وإذ لم تخلُ المشاورات الثنائية من عبارات الثناء بلغة “عونيّة”، لم تستثنِ الترحيب بأيّ مساعدة لتسهيل عودة النازحين السوريين إلى ديارهم والرغبة في توطيد العلاقات بما يشمل زيادة نسبة استيراد تركيا للمنتجات الللبنانية.

وأتت الرسائل التركية اعتماداً على أسلوب “الله يهوّنها”، إذ نقل أوغلو رسالة شفهية إلى عون من نظيره التركي رجب طيب إردوغان أكّد فيها رغبته في تطوير العلاقات وتعزيزها.

وبدا لافتاً الدخول التركي شفهياً على خطّ الأزمة بين لبنان والخليج، مع إعراب إردوغان عن استعداده لتقديم المساعدة في هذا المجال.

وأتى الردّ الحازم على الرسائل التركية سريعاً من الأمير عبد الرحمن بن مساعد بن عبد العزيز في تغريدة على “تويتر”، كتب فيها: “ذكّرني بقصة حصلت لي مع أحد المعارف الذي دعانا إلى العشاء في مطعم في لندن لا يمكن الدخول إليه إلا بعضوية… سبقناه إلى المطعم فرفضوا دخولنا وحين جاء أخونا الداعي قال بكلّ ثقة للمدير: هم معي، متوجّهاً إلى الباب، فأوقفه المدير قائلًا له: أنت أساساً لن تدخل”.

ولم يكن ما هو أكثر تأكيداً على عدم تأثير أو صوابية الرهان على “استعانة” لبنان الرسميّ باستشارة تركية، سوى تزامن الزيارة مع وضع الكويت أسماء 100 وافد من جنسيات مختلفة على قوائم الممنوعين من تجديد إقاماتهم في البلاد عند انتهائها.

والغالبية العظمى من الممنوعين من تجديد إقاماتهم يحملون الجنسية اللبنانية، وبعض الوافدين يُشتبه في انتمائهم أو انتماء أقاربهم من الدرجة الأولى أو الثانية لـ”حزب الله”.

وبين “الآمال التركية” والترقّب اللبناني، تبقى العبارة الأساس التي تختصر الواقع “يا قلبي لا تتعب قلبك”، طالما أنّ “بيت القصيد” في سيطرة “حزب الله” على القرار السياسي في لبنان.

وليس ما هو أكثر تأكيداً على انعدام أفق الحلّ في ظلّ الوقائع اللبنانية الراهنة، سوى المعلومات التي توافرت لدى “لموقعنا” عن محاولة لدخول البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي على خطّ التدخّل كوسيط لإعادة المياه إلى مجاريها وحلّ الأزمة خلال الأيام الماضية من دون أن يتمكن من الوصول إلى فتح أفق وسط الغيوم الملبّدة.

وقد استند حلفاء عدّة للمملكة العربية السعودية في لبنان إلى هذا المعطى للإشارة إلى أن الأزمة طويلة وغير قابلة للحلّ، طالما أن “حزب الله” متحكّم بمفاصل السياسة الداخلية والخارجية اللبنانية على السواء.

وتشير هذه المعطيات إلى انتفاء أي محاولات لوساطة مرتقبة أو محاولة للدخول على خط “تدوير زوايا” الأزمة من القوى والشخصيات المقرّبة من دول الخليج، باعتبار أنّ هناك إدراكاً واضحاً لعمق مسببات الأزمة وعدم ارتباطها بوزير أو بتصريح.

وأتت محاولات البطريرك الذي يتمتع بمكانة خاصة لدى الدول العربية، والتي لم تصل إلى نتائج، لتؤكد المؤكد لدى أصدقاء الخليج لبنانياً بأنّ القضية لا تحلّ بمونة أصدقاء، بما يشير إلى استبعاد أي مبادرة أو وساطة داخلية.

في هذه الاثناء، لا تزال الحكومة اللبنانية تبحث عن “استعانة بصديق” تساهم في إجابة حازمة بعودة عقد جلسات مجلس الوزراء، من دون أن تحصل على أي أجوبة مثبتة على الرغم من محاولات الرئيس نجيب ميقاتي التي ضاعت من دون نتيجة وبدأت تنعكس على وضعية الرئاسة الثالثة التي تستنجد من دون أن يسمعها أحد، في وقت بدأت تسطّر انتقادات من الواقع الحكومي.

وهناك من يعتبر أنّ رئاسة الحكومة باتت تظهر في وضعيتها الحالية منزوعة الصلاحيات والأفضل لها الاحتكام إلى خيار الاستقالة.

وإذ جدّد ميقاتي من السرايا الحكومية أمس “دعوة جميع الأطراف المشاركة في الحكومة، إلى التعاون لإعادة عجلة العمل الحكومي إلى الدوران الكامل وفق خريطة الطريق التي حددتها منذ اليوم الأول وصون علاقات لبنان مع دول العالم، لا سيما مع الأشقاء في دول الخليج”، أضاف: “كفانا إضاعة للوقت وللفرص ولنتعاون جميعاً في ورشة عمل نمضي فيها في حل ما أمكن من مشكلات لها علاقة بأولويات اللبنانيين الموجوعين، ووضع سائر الملفات المرتبطة بالمعالجات المتوسطة والطويلة الأمد على سكة النقاش مع الهيئات الدولية المعنية”.

واعتبر ميقاتي خلال اجتماع موسّع للبحث في استكمال “خطة الإصلاح والنهوض وإعادة الإعمار” التي أطلقها البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد انفجار مرفا بيروت، أنّ “القضاء هو الملجأ لنا جميعاً ومن واجبنا حمايته وصونه، وبهذا نكون أيضاً نوجّه رسالة إلى كل أصدقاء لبنان والمجتمع الدولي، بأننا دولة تحسن صيانة القضاء وحمايته لإحقاق الحق والعدالة”.

وعلى الصعيد الإقليمي، لا يبدو أنّ استعانة الحكومة بدورها “بالصديق التركي” تنتج طحيناً.

وفي وقت أشار ميقاتي أمس خلال لقائه وزير الخارجية التركي إلى “تقدير لتركيا اهتمامها الدائم بلبنان ودعمها له على المستويات كافة”، وجّه دعوة “لتقوية الاستثمارات التجارية والتعاون السياحي بين البلدين”. وتلقّى ميقاتي دعوة رسمية لزيارة تركيا قريباً للبحث في مجالات التعاون.