في زحمة صعوبات الأوضاع الاقتصادية لبنانياً منذرةً بالمزيد من التفاقم تزامناً مع تعطيل جلسات الحكومة، أتى وقع دقّ جرس الإنذار الأقوى أمس كتحذير من ارتدادات الأزمة الديبلوماسية مع دول الخليج العربي على لسان سفير لبنان في المملكة العربية السعودية فوزي كبارة، وسفير لبنان في البحرين ميلاد نمور.
وإذ استعرضا مع البطريرك بشارة الراعي في بكركي التحديات التي تواجه اللبنانيين اغترابياً عقب الأزمة المستجدة بُعيد تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي، أشارا إلى أن الأزمة تتفاقم يومياً، وأن الحلّ بأخذ خطوات لإعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي.
وحذّرا من أن الإجراءات الخليجية جدية وستتفاقم في المرحلة المقبلة، ولهذا الأمر ارتدادات كارثية.
وأكّدا ضرورة الإسراع في إعادة الأمور إلى مسارها قبل أن تتوسّع الفجوة.
لكن لا يبدو أنّ مسار الأزمة التصاعديّ سيتراجع في القريب العاجل، ما دامت الحلول مفقودة في الداخل اللبناني.
وأشارت معلومات إلى أن التحذيرات من مستويات جديدة من الإجراءات الخليجية التصعيدية وسط المراوحة اللبنانية وغياب اتخاذ أي خطوات عملية تتلاءم مع متطلبات الحلّ، لا تقتصر على سفراء فحسب، بل إنها تشمل معطيات حاضرة لدى مراجع سياسية مصنفة في خانة الصديقة لدول الخليج، والتي تختصر المرحلة بعبارات تؤكد على صعوبة الوضع واتجاهه إلى مستويات أكثر صعوبة.
وتستبعد القدرة على التوصل إلى تبديل في المقاربة قبل الانتخابات النيابية المقبلة، مع رهان على أن يبدأ طي صفحة الأكثرية النيابية الحالية انطلاقاً من هذا الحدث.
وتؤكد المعلومات محاولة تدخل أكثر من جهة سياسية مقربة من الخليج على صعيد محاولة رأب الصدع مع لبنان من دون تحقيق نتائج نظراً لموقع لبنان السياسي المنحاز للمحور الايراني.
وإذا كان الرهان على الانتخابات المقبلة يتخطى أي عامل آخر، فإن الجديد الطارئ أمس على هذا الصعيد تمثّل في تقديم نواب تكتل “لبنان القوي” طعناً بتعديلات قانون الانتخاب في المجلس الدستوري.
ولفت النائب ألان عون إلى “أننا لجأنا إلى المجلس الدستوري لأنه الملاذ الأخير وخلال شهر سيصدر قراره ونحن نحترمه”.
وفي سياق آخر، نفى “التيار الوطني الحرّ” ما نسب إليه من خلال بعض وسائل الإعلام والناشطين في مواقع التواصل الإجتماعي من رسائل صوتية، أشارت إلى استحصاله من مؤسّسات الدولة على “داتا” المنتشرين الذين سجّلوا أسماءهم في السفارات في الخارج.
وأشار إلى أن إثارة مسألة الداتا هي “لذرّ للرماد في العيون لتغطية خطيئة إلغاء مقاعد المنتشرين والتعمية على ما يقومون به هم من حملة دعايات مغرضة واتصالات واسعة بالمنتشرين والمسجّلين”.
وفي وقت انتقلت السجالات حول الملف الانتخابي للبت بها إلى المجلس الدستوري، فإن معلومات تشير الى عدم السير نحو تعطيل نصابه على الرغم من التحدي الذي ظهر علنياً في الجلسات النيابية.
ويعود ذلك إلى أن ثمة اكثر من فريق سياسي يؤيد الخطوة ضمناً لاعتبارات متعلقة بتقاطع مع “التيار الوطني الحر” في مسألة اقتراع المغتربين وعدم الحماسة للاستحقاق الانتخابي، على الرغم من المناوشات العائمة على السطح السياسي بين الأحزاب السياسية.
ورجحت مصادر سياسية مواكبة لمسار تعديلات قانون الانتخاب في الأسابيع الماضية ان يعود الاستحقاق الانتخابي إلى أيار بدلاً من آذار.
وفي غضون ذلك، أكد عضو كتلة “المستقبل” محمد الحجار عقب لقائه وزير الداخلية بسام المولوي أمس أن “الوزارة على جاهزية تامة لاجراء الانتخابات ضمن المهل التي حددها القانون والذي نسمع للأسف، أن البعض يعمل على الطعن به، وبالتالي تأخير وربما تطيير الانتخابات”.
وفي موضوع اقتراع المغتربين، تبيّن للحجار “عبر ما أكّده وزير الداخلية أنه تسجل في سفاراتنا في الخارج 165 الفاً و481 طلباً للاقتراع حتى الثلاثاء، تسلمت منها وزارة الداخلية 137 الفا و723 طلبا وعالجتها، أي بقي اقل من 30 الفا بإمكان الداخلية معالجتها مع الطلبات التي سترد خلال ايام قليلة، مما يؤكد الجاهزية التامة لوزارة الداخلية لإجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة بمشاركة اللبنانيين المقيمين في الخارج ليمارسوا حقهم في الاقتراع”.
حكومياً، لم يطرأ جديد يشير للتوصل إلى حلحلة في موضوع عودة الجلسات الوزارية إلى الانعقاد.
ورأى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أنّ “الاجتماعات الوزارية وورش العمل قائمة لإنجاز الملفات المطلوبة وتسيير عجلة الإدارة ووضع الأمور على سكة المعالجة الصحيحة، لكنّ الأساس يبقى في معاودة جلسات مجلس الوزراء بدءاً بالخطوات المطلوبة لحلّ الخلاف المستجدّ مع دول الخليج”.
وأكد ميقاتي أنّ “الاتصالات مستمرّة لإيجاد حلّ يعتمد الأسس الدستورية والقانونية، متمنياً التوصل إلى استئناف جلسات مجلس الوزراء في أسرع وقت، وأن يقتنع الجميع بأنّ الحوار كفيل وحده بحل الخلافات والإشكالات بعيداً من رفع السقوف”.