قفزت أزمة لبنان نحو المربع الإقليمي والدولي، حيث باتت محط مداولات الاروقة الديبلوماسية من دون أن تدخل ضمن رقعة شطرنج المنطقة بما تحوي من مشاريع كبرى، فيما بات من المسلمات حجم الاستعصاء الداخلي والذي يتجلى بحالة نادرة من المراوحة القاتلة.
ينصب اهتمام معظم القوى والأطراف السياسية على البعد الانتخابي دون ادراك عمق أزمة باتت تقتل اللبنانيين عندما تحرمهم حبة الدواء، في حين بات يتردد همسا عن تفكير جدي لدى بعض المرجعيات بالاحجام عن المشاركة في انتخابات تدور شكوك كثيرة حول إمكانية أجرائها لأكثر من سبب ونتيجة عدة عوامل.أتت ازمة العلاقة مع الخليج لتصب الزيت فوق جمر الانقاسامات السياسية، وهذا أمر بديهي منذ نشوء النظام اللبناني القائم على توازن دقيق بين صراع الاضداد الذي يستند الى مشاريع كبرى وفق مصالح القوى العظمى وما بين الاصطفافات السياسية او الطائفية والمذهبية إن اقتضت الضرورة.
في الحالة الراهنة، يبدو الوضع اللبناني “مكربج” عند لحظة مفصلية، فليس من ترجيحات حول مصير مفاوضات البرنامج النووي الايراني او الواسطات الدائرة بين المملكة السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران، وما بينهما حول كيفية تعامل معظم الأطراف الاقليمية مع الداخل السوري بما في ذلك إسرائيل التي تعد العدة لمشروع تطبيع عربي جديد.تجهد مرجعية سياسية لإيجاد اسباب تخفيفية حيال الانعكاسات الحاصلة على الواقع اللبناني ، حيث تفيد بأن وضع لبنان اشبه بالجلوس فوق بركان خامد، وكل اسباب الانفجار قائمة بما في ذلك تطاير الحمم الملتهبة، ورغم ذلك لم ينفجر حتى الساعة، وبالتالي ينبغي تقطيع المرحلة الصعبة بأقصى درجات الحيطة و الحذر.كما تشير المرجعية المذكورة إلى حجم التعقيدات الخارجية لناحية الاشتباكات الدائرة من الخليج حتى السودان كونها عوامل تؤجج الصراعات والفتن في لبنان وقد تؤدي نحو مشاهد دموية على غرار أحداث الطيونة المشؤومة ، انطلاقا من ذلك ينبغي الاصرار على تدارك الازمة مع دول الخليج العربي في الوقت الراهن والتحلي بمسؤولية وطنية بما في ذلك التوصل الى تفاهمات داخلية خارج إطار المكاسب الضيقة.