كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: تشكل احتمالات خروج الرئيس سعد الحريري من المشهد السياسي وبقاء الرئيس ميشال عون فيه، أكثر انتظارات العهد في سنته الأخيرة، لأن في الحدثين تحديات وهواجس من تداعيات لن تكون سهلة على المستوى الطائفي والوطني.
ففي خروج الأول، تُطرح سلّة استحقاقات تتعلّق بالطائفة السنية أولاً وأخيراً، لجهة تحديد الخلافة السياسية بعدما سيطرت عائلة الحريري على الواقع السني منذ التسعينيّات، وصنعت سياسيين ومستشارين ونواباً ووزراء وأمنيين، وأطفأت بريق آخرين. وسيؤثر في وضعية تيار المستقبل وقاعدته من الشمال الى بيروت والبقاع ووراثتها السياسية في غياب زعامته، علماً بأن لوائح المرشحين كثيرة، لكن المشكلة أن الزعامات لا تولد فجأة وتحتاج إلى الكثير من المال والدراية والوقت. وكذلك في انفلاش القوى السنية الموالية لقوى الثامن من آذار، ومن ثم في الاتجاهات التي سيسلكها حلفاء الحريري، السابقون والحاليون، في تعاطيهم مع مثل هذا الاحتمال. وهذه التحديات ليست قليلة، لأنها ستضع الجميع أمام مرحلة حساسة، ولا سيّما أن خطوة الحريري، إذا حصلت، ستتم قبل استحقاق الانتخابات المصيرية لمعارضي العهد وحزب الله. والأشهر الفاصلة عن الانتخابات لا تكفي لبناء قيادات جديدة والعمل على استنهاض شارع سنّي مع كل تحالفاته من أجل خوض الانتخابات وتحقيق إنجازات يمكن الاعتداد بها.
في المقابل، فإن أي كلام يفهم منه أن عون قد يبقى متصدّراً المشهد السياسي، من شأنه قلب موازين الواقع المسيحي، ويعيد عملانياً التشنّجات إلى الأرض. وبحسب معلومات، فإن مراجع دينية ناقشت مع شخصيات معروفة، نيابية وقيادية، الخيارات التي يمكن أن يلجأ إليها عون بعد انتهاء ولايته. ومجرد نقاش الاحتمالات أمر يثير القلق، لأن أي تلميحات يجري الحديث عنها من الآن تفتح الأبواب أمام سلوكيات غير سويّة، وخصوصاً أن تجربة الثمانينيّات أثمرت ردود فعل على مستوى علاقة العونيين حينها ببكركي، وما ارتكب في حق البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير، فضلاً عن الصراع الدموي مع القوات اللبنانية. وإذا كانت بكركي ترفض دوماً خروج رئيس الجمهورية تحت وطأة الضغط الشعبي أو استقالته، إلا أن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي سيجد حكماً نفسه في صف المواجهة حيال أي خطوات تعتبرها بكركي غير دستورية. هذا عدا عن ردة فعل كل القوى المناوئة لعون داخل الشارع المسيحي.
والمفارقة في كل ما يجرى الحديث عنه من احتمالات على مستويَي عون والحريري، أنها تحمل الكثير من بالونات الاختبار، لكنها تحمل كذلك حقائق جدية، وخطورتها أنها بدأت تظلّل الانتخابات النيابية التي قد تكون الضحية الأولى لها… في انتظار أن تقول الأطراف الأخرى كلمتها في ما يرتسم في أفق السنة الأخيرة.