الحريري باقٍ.. 7 أسباب ستمنعُ “تغييبه” سياسياً

25 نوفمبر 2021
الحريري باقٍ.. 7 أسباب ستمنعُ “تغييبه” سياسياً

حتى الآن، لم يُحسم موعد عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان بعد الغياب الذي تجاوز الشهرين، لكنّ الترجيحات تشير إلى أنها لن تكونَ بعيدة، وهذا ما أشار إليه العديد من المسؤولين في تيار “المستقبل” في الآونة الأخيرة.

 

ووسط انتظار المحازبين والمناصرين في التيار موقف الحريري الذي يُحدّد الوجهة السياسية المقبلة، يبرزُ في المقابل حراكٌ داخلي وفعلي ضمن التيار للانتخابات النيابيّة المقبلة.
 

حُكماً، فإن ما يجري طبيعي من الناحية الحزبية والتنظيمية، إلا أنَ عنوان المرحلة القادمة بالنسبة للتيار يتحدّد تحت إطار واحد: “الحفاظ على الوجود”. وبشكل قاطع، باتت أوساط قيادية “مستقبلية” تحمل هذا العنوان في نقاشاتها، حتى أن بعض المسؤولين باتوا يؤكدون احتمالية حصول “ورشة تنظيمية” داخل التيار بعد عودة الحريري، باعتبار أن هذا الأمر ضروري قبل استحقاق مفصلي.
 

ما تكشفه المعطيات الأخيرة يشيرُ إلى أنّ “المستقبل” يعملُ على الماكينات الانتخابية بشكل مستمر، وقد جرى التواصل مع مسؤولي المناطق للبحث في أسماء لمُرشّحين محتملين للانتخابات. وهذه المرة، ستبرز وجوه جديدة، ويتحدث “مستقبليون” عن توجهات جديدة في عملية اختيار اللوائح، حتى أنّ السعي يتركز اليوم لاختيار شخصيات تعتبرُ “مفاتيح انتخابيّة وشعبيّة” في مناطقها.
 

على صعيد التحالفات، لم يحسم “المستقبل” توجهاته بشكل كامل إذ أشير إلى أن الحريري يتريث في الإعلان الرسمي عن مختلف التحالفات رغم ثبوت بعضها بشكل عام لاسيما مع الحزب “التقدمي الإشتراكي”. وفي ظل ذلك، تشير أوساط قيادية داخل “المستقبل” إلى أن الإنضمام إلى جبهة واحدة مع حزب “القوات اللبنانية” وارد إلى حدّ كبير، باعتبار أن المصلحة الحزبيّة والسياسية خلال هذه المرحلة تحتّم هذا الأمر، رغم “النفور” الذي حصل خلال السنوات الأخيرة. وفعلياً، فإن الأمر هذا باتَ يأخذ طريقه نحو الثبات الكامل، في حين أن الحريري أعاد فتح قنوات للتواصل بينه وبين رئيس “القوات” سمير جعجع، ما يعني أنّ التقارب بات قائماً من جديد.
 

لماذا لا يُمكن تغييب الحريري؟
 

خلال الفترة الماضية، ركزت حملات إعلامية على فكرة ابتعاد الحريري عن الحياة السياسيّة. في الظاهر، تعتبر هذه الحملات عادية وقد وضعها مسؤولون في “المستقبل” ضمن الاستهداف المستمر. أما على صعيد الأحزاب والتيارات السياسية، فما يتبيّن هو أن الجميع سيتعامل مع الحريري ومع تيّاره كالمعتاد، وليس من مصلحة أحدٍ أن تأخذ الأمور منحى منافياً لهذا الأمر. وانطلاقاً من النقطة الأخيرة، تبرزُ معطيات أساسية تؤكد أن تغييب الحريري سياسياً لن يحصل وغير وارد، وهي:
 

أولاً: يعدّ الحريري ركناً أساسياً من الطبقة الحاكمة كما أنّه يترأس حزباً يعتبر “التيار السني الأول في لبنان”. وعلى أساس هذه القاعدة تُرسم التوازنات السياسية، وفي حال اتخذ قرارٌ بإقصاء الحريري عن الحياة السياسية، فإن ذلك يعني ضرباً للتوازنات ونسفاً لقيادة من القيادات السياسية. وحتماً، فإن هذا الأمر قد يفتح معركةً في الشارع أولاً، إذ سيتبين أن الاستهداف سيطال الطائفة السنية بالدرجة الأولى.
 

ثانياً: منذ العام 2005، أي بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تكرّس في البلد انقسام عامودي، وقد غذته العديد من الأحداث الأمنية والسياسية. ورغم المواقف المتعارضة بينه وبين “حزب الله”، إلا أنّ الحريري استطاعَ أن يضربَ الفتنة السنية – الشيعية من خلال إعلانه ربط النزاع مع الحزب. ومن دون أي منازع، فإن الاستقرار الداخلي يهمّ جميع الأطياف السياسية خصوصاً “الثنائي الشيعي”، ووجود الحريري يعتبر مانعاً لحصول أي فتنة بين السنة والشيعة.
 

ثالثاً: انطلاقاً من القاعدة الأخيرة، يعتبرُ الحريري شخصية مقبولة لدى الاطراف المعارضة له خصوصاً “حزب الله” الذي لم يتحدث بتاتاً عن بديل للحريري. وفي حال كان هناك سعي لبديل، فإن هذا الأمر سينسحب على كافة الأطراف، ما يعني ضرباً للمنظومة القائمة وإنهاء لوجودها.
 

رابعاً: تمكّن الحريري على مدى السنوات الماضية من وضعِ حد للفتنة السنية – السنية وذلك بالتوافق مع الأقطاب الأخرى داخل الطائفة. وحتماً، فإن التقارب بين رئيس “المستقبل” والتحالف المتين مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والانضواء تحت عمامة دار الفتوى وتشكيل نادي رؤساء الحكومات السابقين، كلها عوامل جعلت من الشارع السني محصناً ضد أي خضة داخليّة.
 

خامساً: بالنسبة للكثير من الأطياف، فإن شخصية الحريري مقبولة من الناحية التفاوضية، كما أن الأخير بات عارفاً بقواعد اللعبة السياسية. ومن هذا المُنطلق، يعتبرُ بقاء الحريري السياسي عاملاً إيجابياً بالنسبة لكل الأطراف، في حين أن المخاوف من أن يكون أي بديل “صدامياً” وأن يأخذ طريق التحدي والمواجهة.
 

سادساً: بالنسبة لمختلف الأطراف، فإنّ الحريري يعتبرُ “الحليف السني الوحيد”، خصوصاً رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط. وعليه، فإن التضحية بـ”رئيس التيار الأزرق” يعني ضرباً لطائفة بأكملها ونسفاً للتوازنات السياسية.
 

سابعاً: يرى البعضُ أن عملية إقصاء الحريري يجب أن تكون مرتبطة بإقصاء شخصيات أخرى، ولن يكون هناك أي قبولٍ بهذا الأمر من أي جهة كانت.
 

إذاً، على أساس هذه النقاط يعتبرُ وجود الحريري أساسياً، والأمرُ هذا يرتبط بالدرجة الأولى بلعبة التوازنات التي لا يُمكن لأي جهة أن تفكر بضربها نظراً لما في ذلك من عواقب وخيمة سياسياً وشعبياً وأمنياً. وفي المحصلة، يبقى المنتظر حالياً عودة الحريري الذي يتوجب عليه رسم الخطوط العريضة لمساره السياسي المستقبلي في ظلّ الأزمة الاقتصادية والسياسية الخانقة.