كثيرة هي الاسئلة حول واقع تيار “المستقبل” بالاستناد الى المعلومات التي سُرّبت في الايام الماضية والتي أكدت أنّ المشاورات قائمة حول ما إذا كان الرئيس سعد الحريري سيقرر العزوف عن خوض الانتخابات النيابية المُقبلة ويتريث في العودة الى لبنان ويشرف من بعيد على تنسيق لوائح غير واضحة أو معلنة، ما دفع ببعض المراقبين الى طرح علامات استفهام حول مصير التيار سياسياً وشعبياً وتنظيمياً.
وفيما أكّدت مصادر مقرّبة من الحريري بأن هذا الخيار لم يطرح في الأصل داخل أروقة “المستقبل” لا تزال كل المعطيات تشير الى أن القرار ربما لم يُحسم بعد، لكنّ ثمة نقاشات جدّية دائرة حوله قبل تحديد البوصلة الانتخابية.من هنا بدت التساؤلات منطقية ومشروعة حول واقع “التيار الازرق” وما إذا كانت الضربات القاصمة التي تلقّاها على مدى السنوات الماضية أدّت بشكل أو بآخر الى اخراجه من الحياة السياسية بصورة كاملة، علماً أن الساحة اللبنانية لم يحدُث أن لفظت أي قوى سياسية بالمطلق والدليل أن بعض الاحزاب “العتيقة” لا تزال ناشطة حتى اليوم وتتوارث السياسة والزعامة.
ولعلّ السؤال الابرز الذي يدور في فلك المستقبل، بعد تعرّضه بلا شك لانتكاسات سياسية جدّية في الآونة الاخيرة، يُناقش طبيعة الأدوات التي يجب أن يمتلكها لإنعاش عودته الى الساحة السياسية ويثبّت نفسه من جديد باعتباره قوّة لا يمكن إقصاؤها وتخطّيها سواء على الصعيد السياسي أو الشعبي.ووفق مصادر مطّلعة فإنّ الأزمة الجدّية التي تواجه المستقبل اليوم هي انعدام الغطاء العربي وتحديدا الغطاء الخليجي، وترى المصادر أن إحدى أولى العوامل الرئيسية التي من شأنها أن تمنحه دفعاً سياسياً كبيرا تتلخّص في استعادة علاقاته الايجابية مع المملكة العربية السعودية التي سيحصل من خلالها على مظلّة سياسية وعمق حيوي يمكّنه مجددا من السيطرة على مفتاح “الڤيتو” في القضايا السياسية ويصبح مرجعاً للتسويات مع الطرف المواجه.ورغم علاقة “المستقبل” المتينة مع بعض الدول العربية الداعمة كمصر والإمارات والتي ساهمت في حلّ أزماته المتراكمة في فترة سابقة وتعاونت معه على الصعيد السياسي خلال مرحلة تشكيل الحكومة وحتى على الصعيد المالي، الا أنها لم تستطع حتى الآن، وبحسب الوقائع، ملء الفراغ الذي خلّفته “النقطة على السطر” في العلاقة ما بين الرياض وبيت الوسط، لذلك يبدو أن لا مفرّ من ترميم الصدّع بين الطرفين.والأهم من ذلك كلّه، هو قدرة “المستقبل” على تكريس نفسه قوّة سنية لا يمكن منافستها، واستعادة موقعه في الطائفة والذي يفرض حضوره في الساحة السياسية، ولربما يُشكّل هذا التحدّي طموحاً للعبور نحو المملكة العربية السعودية قد ينجح المستقبل في تحقيقه وبالتالي فإن عليه احراز أهداف نيابية مميّزة تثبت أنه يتمتّع بالغالبية الشعبية وأن لديه الكتلة السنية الاكبر التي تعيده الى الواجهة من جديد، الامر الذي قد يدفع بالرياض الى تغيير المعادلة واعادة التفكير في استراتيجية التعامل مع الحريري خصوصاً إذا ما قرّرت استعادة نفوذها في لبنان.اما الخلطة السحرية الثالثة التي يحتاجها “المستقبل” في هذه المرحلة فتكمن في إعادة تكريس التحالفات السياسية في الداخل اللبناني وكسر جليد الخلاف مع الغالبية العظمى من القوى السياسية، إذ إن اندماجه وانسجامه معها يعيدُه الى محورية العمل السياسي في لبنان ويمكّنه من فرض شروطه على طاولات القرار.