دعم إنقاذ لبنان والحفاظ على رسالته

26 نوفمبر 2021
دعم إنقاذ لبنان والحفاظ على رسالته

لطالما تابع الفاتيكان بما يمثل من سلطة معنوية وحضور روحي عالمي الوضع في لبنان عن كثب مبديا قلقه من الازمة الخطيرة التي تعصف باللبنانيين وتدفع الكثيرين منهم إلى الهجرة، طالما ان لا حلول جذرية لإنقاذ البلاد، وطالما أن قوى الخارج لا تكف عن استخدام لبنان لاجنداتها، وتقيم الأوضاع فيه وطرق معالجتها من منطلق تصفية الحسابات . 

في خضم الأجواء التي لا تبعث على الإيجابية على  مستوى تعقيدات المنطقة وانعكاساتها على البلد، لا يكف البابا فرنسيس الذي يرغب بزيارة لبنان في المرحلة المقبلة عن دعوة القوى السياسية إلى ترسيخ الحوار لإيجاد حلول عادلة للأزمة السياسية والاجتماعية من شأنها أن تساعد لبنان على البقاء كوطن للشراكة المسيحية- الإسلامية، ولذلك يواصل دق ناقوس الخطر حيال ارتفاع نسبة الفقر والجوع والبؤس والقلق وعدم اليقين والهجرة من جراء الأوضاع المعيشية الخطرة.
ازاء كل هذه المشاكل يتحرك الفاتيكان بشكل مستمر من أجل دعم لبنان درءا لوقوعه في الفوضى وحفاظا على هويته ورسالته، خاصة وأن المرحلة الراهنة تشهد تجاذبات إقليمية ودولية من الطبيعي أن تؤخر انضاح الحلول في الداخل اللبناني الى حين توقيع الاتفاقات الدولية والتفاهمات في المنطقة.
في الأشهر الماضية، خصص البابا فرنسيس يوماً كاملاً للتشاور مع قادة الكنائس المسيحية على خلفية قلقه من تدهور الأوضاع في لبنان، وتطييف الأزمة اللبنانية، واستقبل أيضا وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن حيث حضر الملف اللبناني في المحادثات لتأمين إحاطة دولية لدعم لبنان ربطا بتواصله المستمر مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ودعمه لمبادرته تجاه لبنان. ومن هذا المنطلق بدا واضحا  الحراك الفاتيكاني حيال المجتمع الدولي لعدم ترك لبنان ومساعدة ابنائه قدر المستطاع.
بالامس استقبل البابا فرنسيس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حاضرة الفاتيكان في لقاء وصفته مصادر مطلعة لـ لبنان 24″  بانه لقاء مهم على كل المستويات الروحية والسياسية ، فالزيارة معنوية تحمل طابعا شخصيا وعائليا ووطنيا، هذا فضلا عن ان الرئيس ميقاتي يعول على الاتصالات الداعمة  التي يقوم بها البابا فرنسيس مع  الرئيس الاميركي جو بايدن والاوروبيين والمملكة العربية السعودية وصندوق النقد لدعم لبنان، من منطلق أن الفاتيكان لم يتوقف عن استنفار المجتمع الدولي لدعم الجهود الرامية إلى إنقاذ لبنان وإخراجه من التأزُّم،  خاصة وان لبنان يمثل رسالة تلاق بين مكوناته كافة ويجب المحافظة على استقراره الذي هو حاجة لبنانية واقليمية وأوروبية.يدرك الرئيس ميقاتي مدى الحاجة للدعم الدولي والاوروبي والعربي والخليجي للبنان، ويعتبر ان زياراته الخارجية استكمالا  للاجتماعات التي عقدها على هامش قمة غلاسكو ، من شأنها توفير الغطاء الداعم لحكومته وبر نامجها الاصلاحي وخطتها الاقتصادية .وتقول المصادر ” ان  لقاء الرئيس ميقاتي بالبابا فرنسيس  تمحور بالدرجة الاولى حول هموم لبنان، حيث ابدى البابا فرنسيس قلقه من المشاكل التي يمر بها البلد، لكنه أبدى ارتياحا لوجود حكومة في هذا الظرف الصعب والتي عليها أن تتكاتف وتتعاون لمعالجة الأزمات وتخفيف العبء عن كاهل الشعب.ان المحافظة على لبنان وعدم هجرة ابنائه استحوذت على  القسم الأكبر من النقاش بين البابا فرنسيس والرئيس ميقاتي،الذي لم يتناول بشكل مفصل القضايا الروحية والعلاقة بين الطوائف التي يمكن وصفها بالجيدة ربطا بوثيقة الأخوة الإنسانية التي كان وقعها وشيخ الأزهر أحمد الطيب لنشر ثقافة الحوار والتعايش بين أتباع الرسالات السماوية. لكن رغم ذلك لا بد من الإشارة إلى أن الهجرة الراهنة والتي تطال كل شرائح المجتمع، فإنها وتيرتها بلغت ارقاما مخيفة لدى الطوائف المسيحية لا سيما بعد انفجار  مرفأ بيروت، وهناك خوف مسيحي على المستقبل وصل إلى الفاتيكان عبر بكركي وشخصيات مسيحية.والى حين زيارة وزير خارجية الفاتيكان لبنان في الاسابيع المقبلة لبنان للاستماع الى رؤى القوى السياسية وهواجس بعض مكوناتها، وربطا بالحراك الاممي والروسي المرتقب تجاه لبنان ايضا، يبدو أن خريطة الطريق ستبقى مجمدة إلى حين أن تدق الساعة الدولية، خاصة وان  قوى سياسية بدأت تشك بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها ومدى الضغط الدولي لحصولها، وهذا يعني أن الاهتمام الدولي بلبنان سيكون محصورا بالمحافظة على الحد الأدنى من الاستقرار  بانتظار تطورات الإقليم.