لا شك أن الغيوم السود تملأ سماء العدالة في لبنان، وأن إشارات المرور ومسالك العبور في “عدليات البلد” تشهد مساراً متعرّجاً يشوبه التأخير الذي بدأ مع “باكورة” دعاوى الإرتياب المشروع بأداء المحقق العدلي في جريمة إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، تحت مسمّى ” أخطاء جسيمة” إرتكبها المحقق العدلي بحسب معارضيه، ومَن صمموا على “قبعه” من محله بالقوة بأي ثمن، تمهيداً لتعيين محقق عدلي ثالث، ما يعني حُكماً تأخير صدور القرار الإتهامي.
لم يعد جديداً القول إن القضاء في لبنان ليس في أحسن أحواله، ويدرك جميع الممسكين بزمام الأمور وأولياء القانون والقضاء جميعاً هذه الحقيقة البشعة، ويقفون مترددين لأن المتاريس الطائفية والمذهبية أثبتت أنها أقوى وأفعل من كل القوانين والدساتير والقواعد الادبية.
في القانون، ورد أنه من أوجه نظرية الإرتياب المشروع التي باتت على كل شفة ولسان، وقد حفظها الصغار قبل الكبار وجود صلة قربى بين القاضي والمدعى عليه، أو تسجيل موقف مسبق بملف ما يكون فيه القاضي قد نظر في الدعوى التي يتضمنها وأبدى رأيه فيها، “طيب بهل حالة”، أي في ملف جريمة بحجم إنفجار المرفأ، لا وجود لصلة قربى ولا رأي مسبقا بالملف سواء من المحقق العدلي الأول القاضي فادي صوان أو من سلفه القاضي طارق البيطار، فلماذا التأخير؟
لقد وصل القضاء عندنا الى مرحلة يمكن أن ينسحب عليها المثل الشعبي المتحوّر لضرورة تأكيد المؤكد “في كل عرس قضائي …قرص ارتياب”.
في المقابل، قال مصدر قضائي بارز “انه مع الإنطلاقة الجديدة للمحقق العدلي طارق البيطار في عمله، بعد سقوط كل دعاوى الإرتياب ومخاصمة الدولة، يستعد البيطار للقيام بخطوات جديدة في مسار الإستدعاءات والتحقيقات “.
وتوقع المصدر “أن يتعرض القاضي البيطار لحملة سياسية شرسة جداً قد تصل الى حد إزاحته عن هذا الملف، وإذا حصل هذا الشيء ستكون هناك ردة فعل قضائية كبيرة، وهي إستقالة أكثر من مئة قاضي”، لافتا الى “انه يعقد لهذا الغرض عدد من الإجتماعات السرية”.