الأزمة الحكومية… الى ما بعد بعد البيطار!

1 ديسمبر 2021
الأزمة الحكومية… الى ما بعد بعد البيطار!

ينعكس الشّلل الحكومي على الواقع السياسي في لبنان ويؤجّج شرارة الانهيار الاقتصادي في مرحلة تداخلت فيها الأزمات وازداد حجم التحديات التي باتت تستدعي الترفّع عن مستوى الكباش الحاصل والنظر بعين المصلحة الوطنية لاستئناف جلسات الحكومة وفتح مسار حيوي جديد والنظر في الملفات العالقة التي تهدّد صمود الاستقرار في البلاد.

لكنّ الجدل الذي أُثير على خلفية تعنّت “حزب الله” في ملفّ تحقيقات مرفأ بيروت بذريعة “الاستنسابية” التي يتعاطى بها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، بدأ يولّد أزمات سياسية على ضفاف الأزمة الحكومية، إذ إنه لم يعد مرتبطاً بأمور تقنية متعلقة بمقاطعة جلسات الحكومة بهدف الضغط لتحقيق مطلب محدد وحسب، بل بات يقترب من إشعال الجبهة بين الحزب وعدد من المكونات السياسية.وفق مصادر مطّلعة، فإن التيار “الوطني الحر” يبدو ممتعضاً من مسألة تعطيل الحكومة، فهو يرى أن هذه الخطوة التصعيدية لحزب الله تضرّ به وتصيبه في الصميم وتجعل حكومة العهد الاخيرة، عملياً، والتي كان يعوّل عليها، عاجزة عن تحقيق أي تغيير في الواقع المأزوم أقلّه أمام الرأي العام، وتحرق مراكب الإنجازات في الطريق الى الاستحقاقات الكبرى.

هذا التعطيل، الذي يملك مفاتيحه حليف التيار “الوطني الحرّ” الأساسي قد يضيّع على العهد فُرصته التي يتمسّك بها كقشّة الغريق، إذ إنّ آمال التيار في ترميم شعبيته واستعادة قواعده المندثرة، شأنه كشأن سائر الأحزاب السياسية بُعيد انتفاضة 17 تشرين، مبنيّة على بضع إصلاحات تحفظ ماء الوجه وتؤسس لمرحلة مقبلة، ولكن يبدو أن لدى الحزب اعتبارات سياسية أخرى يضعها على سلّم أولوياته حيث يعمل على تحقيق إنجاز سياسي من خلال كفّ يد القاضي البيطار في إطار صراعه الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الاميركية، الأمر الذي بات ينعكس سلباً على طموح التيار في هذه المرحلة ويثير حفيظته الى حدّ بعيد!وفي الحديث عن التأذّي السياسي الذي قد يلحق بالعهد جراء التعطيل الحكومي، فإن الإصرار على عرقلة عمل الحكومة وإفشال مساعيها للخروج من الأزمات الراهنة من شأنه أيضاً أن يرتدّ على “حزب الله” بشكل مباشر، حيث أنه وفي ظلّ التدهور الحاصل سيخلق لنفسه مواجهات شعبية جديدة هو بغنى عنها مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المُقبلة، إذ إن الرأي العام الذي لا يزال حتى اليوم يضع آخر ما تبقّى في جعبته من آمال على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي للقيام بخطوات مقبولة في مسار الإصلاح، قد يجد في الحزب سبباً رئيسياً للانهيار حيث أن كل الأجواء كانت توحي بإيجابية كبيرة في الطريق نحو الإنقاذ غير أن تمسّك الحزب بمواقفه قد يحكم على كل الجهود المضنية بالفشل.ثمة هواجس جديّة تدور في الأفق السياسي اللبناني، حيث تُبدي بعض الاوساط تخوّفاً من اندفاع “حزب الله” لخوض اشتباكات سياسية وإعلامية مع حليفه المسيحي وربما مع خصومٍ مشاركين في الحكومة كالحزب التقدمي الاشتراكي او تيار المستقبل الذين قد يجدان في تحميل الحزب جزءاً كبيراً من الانهيار فرصة ذهبية لإعادة بناء قواعدهما استعداداً للانتخابات النيابية. فهل تمتدّ الأزمة الى “ما بعد بعد” البيطار؟