جمود داخلي ينتظر تبدلات خارجية على وقع المفاوضات النووية

1 ديسمبر 2021
جمود داخلي ينتظر تبدلات خارجية على وقع المفاوضات النووية

يكاد يكون الانفصال بين الأقوال والأفعال الصفة الأبرز للقوى السياسية التي تجاهر وتنادي بالعمل الحكومي واقرار البطاقة التمويلية، في وقت ترفض الطروحات والاقتراحات المقدمة من أكثر من وسيط لضمان عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد. 

ان شروط ثنائي “حزب الله  – حركة أمل” تجاه العودة عن الاعتكاف الحكومي مقابل اقالة المحقق العدلي طارق البيطار عن ملف تحقيقات المرفأ، تشكل سيفا ذا حدين أمام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فهو من جهة بات محرجاً إزاء اللبنانيين الذين ضاقوا ذرعا من التعطيل ومن جهة أخرى افضت هذه الشروط الى استمرار الرئيس ميقاتي في التمسك بمبدأ فصل السلطات واستقلالية العمل القضائي من دون اي تحفظ عملا بالدستور. 
لا شك أن رئيس الحكومة أمام وضع صعب لا يحسد عليه مع إصرار القوى السياسية  على  التصرف وكأنها في مجال مساومة على القضاء، والاستحقاقات الدستورية المتصلة بموعد الانتخابات النيابية في أيار   المقبل وتصويت المغتربين بستة نواب يمثلون الاغتراب والانتخابات الرئاسية بعد انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال عون، وان كانت الصفقة التي طرحت  يمكن القول انها وصلت إلى طريق مسدود، مع رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري ما طرحه رئيس التيار الوطني النائب جبران باسيل لجهة حضور نواب لبنان القوي جلسة مجلس النواب من دون التصويت لجهة صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، في حين أن بري يصر على تصويت نواب التيار العوني على وجه الخصوص، لا سيما وأن نواب حزب الطاشناق أسوة بالنائب طلال أرسلان سيصوتون لصالح صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وعليه، فإن طريق  التسوية لا يزال مسدودا وهذا ما تؤكده مصادر مصادر مقربة من حزب الله عندما تسأل عن مآل الامور، بالقول: الوضع بعدو على حاله وليس هناك من مؤشرات إيجابية يبنى عليها. 
 
رغم كل العراقيل والعقبات التي لا تزال تمنع التئام مجلس الوزراء الا ان الرئيس ميقاتي لن يستقيل فهو رسم خريطة طريق حكومته، ويستعيض عن اجتماعات مجلس الوزراء باجتماعات مكثقة ويومية للجان الوزارية المعنية بالشؤون  النقدية والاقتصادية والمعيشية والصحية الى حين ان يأخذ المعنيون القرارات الواجب اتخادها، فهو مقتنع أن البلد لا يمكن أن يترك من دون حكومة فالمرحلة دقيقة وحرجة على المستويين الاقتصادي والمالي، وتتطلب الاستمرار في العمل لوقف الارتطام من جهة، ومن جهة أخرى أمام الحكومة مسار إجراء الانتخابات النيابية في موعدها فيما لو قدر لها أن تحصل وفشلت محاولات تعطيلها. 
يجول الرئيس ميقاتي منذ تأليف الحكومة على  العواصم العربية والغربية، لحشد دعم للبنان. من الاليزية إلى مؤتمر غلاسكو فروما مرورا ببغداد، كلها محطات حمل إليها رئيس الحكومة هموم لبنان وازماته طالبا الدعم الاقتصادي والسياسي ليخرج لبنان من النفق، ايمانا منه ان المظلة الدولية التي حظي بها لحظة تكليفه وبعد تأليف الحكومة يمكن ان تشكل سندا لخططه الاقتصادية التي تحتاج إلى دعم لتدخل حيز التنفيذ.
 
وبحسب مصادر دبلوماسية لـ”لبنان24 ، فإن حكومة ميقاتي تحظى بحاضنة دولية وعربية رغم الموقف السعودي منها، وهذا الامر  يجب التوقف مليا عنده، من منطلق اقتناع الإدارة الأميركية أسوة بفرنسا ومصر التي سيزورها الرئيس ميقاتي قريبا أن بقاء الحكومة ضرورة محلية واقليمية ودولية يجب التمسك بها، إلا أن مصادر سياسية محلية، ترى أن الغطاء الخارجي لا يفعل فعله في الداخل في ظل تضارب المصالح الاقليمية والدولية، فواشنطن لم تنجح في مساعيها لحل الازمة اللبنانية-  السعودية، ومرد ذلك الصراع  القائم بينها وبين الرياض حول ملفات عديدة تبدأ باليمن ولا تنتهي بالنفط فضلا عن مخاوف المملكة من الاتفاق النووي وما سيترتب عليه من تفاهمات أميركية -إيرانية في المنطقة. وبناء على ذلك، لا تعول المصادر السياسية نفسها على خرق فرنسي في جدار الأزمة مع السعودية، مشيرة إلى أن  زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى المملكة سوف تناقش ملفات عدة في المنطقة من دون أن يعني ذلك التفاهم حولها،وعلى وجه الخصوص  الملف اللبناني طالما أن أزمة الرياض مع لبنان تبدأ بحزب الله وتنتهي بحزب الله. 
 إذن، الأزمة الحكومية على حالها. الصفقات السياسية المطروحة تحولت إلى صفعات تلقتها ميرنا الشالوحي مع رفض بري اقتراحات التيار البرتقالي تقول أوساط سياسية. وبالتالي فإن الأمور ستبقى عالقة بانتظار وقائع خارجية على وقع المفاوضات النووية.