هي حكومة أم مجلس وزراء؟ وما الفرق بين التسميتين؟ في المبدأ العام لا فرق في التسميتين. وبحسب ما ورد في الدستور لا تمييز بينهما. “فرئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة”. ولكن في الواقع والممارسة فان الفارق كبير، وهذا ما يظهر جليًا في كل مرّة يتعطّل فيها عمل مجلس الوزراء لألف سبب وسبب. وأخر تعطيل كان قبل شهر ونصف الشهر تقريبًا. فعملُ مجلس الوزراء مجتمعًا يتوقّف ويتعطّل سياسيًا، ولا يعود يصدر القرارات والمراسيم، وبذلك يتعطّل العمل التنفيذي وتتوقف الحركة الإجرائية في البلد.
في المقابل، وعلى رغم تكرار عمليات تعطيل عمل مجلس الوزراء لأسباب لها علاقة بمواضيع سياسية، فإن عمل الحكومة بالمفهوم الحصري للكلمة لم يتوقّف. مع العلم أن الدستور حدّد آلية واضحة لعمل مجلس الوزراء، وذلك تفاديًا أو إستباقًا لأي عملية تعطيلية. وتقول هذه الآلية: “مجلس الوزراء يجتمع دوريا ً ويكون النصاب القانوني لإنعقاده أكثرية ثلثي أعضائه. فإذا تعذر ذلك فبالتصويت. تتخذ القرارات توافقيا بأكثرية الحضور. أما المواضيع األأساسية فإنها تحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء. ويعتبر مواضيع أساسية ما يأتي: حالة الطورائ وإلغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الإتفاقيات والمعاهدات الدولية، الموازنة العامة للدولة، الخطط الإنمائية الشاملة والطويلة المدى، تعيين موظفي الفئة الأولى وما يعادلها، إعادة النظر بالتقسيم الإداري، حل مجلس النواب، قانون الإنتخابات، قانون الجنسية، قوانين الأحوال الشخصية، إقالة الوزراء”.
فالوزراء الذين يرفضون حضور جلسات مجلس الوزراء في حال دعوته إلى الإنعقاد يقومون بمهامهم الوظيفية، في شكل طبيعي، ويداومون في مكاتبهم ويستقبلون ويودّعون ويصرّفون شؤون وزاراتهم، ويشاركون في الإجتماعات الجانبية التي يدعو إليها رئيس الحكومة في السراي الكبير.
فهل يُعتبر ذلك إزدواجية في العمل السياسي؟
البعض يذهب إلى أبعد من وضع هذه الممارسة في العمل السياسي في خانة الإزدواجية ليؤكد أنه نهج يلجأ إليه “الثنائي الشيعي” لتعطيل العمل الحكومي في كل مرّة لا تسير فيها الأمور وفق إرادته، ووفق ما يراه مناسبًا لما يعتبره “مصلحة عامة”. وهذا التعطيل ليس جديدًا، خصوصًا أن التلويح بسحب الوزراء الشيعة من أي حكومة يهدّد بـ”فرطها”، بعد أن تصبح غير ميثاقية، على رغم أنها تبقى شرعية. وقد أخذ هذا الجدال مجالًا واسعًا عندما إنسحب الوزراء الشيعة من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة على خلفية الخلاف على موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والناظرة بجريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري.
فما أعلنه الرئيس نجيب ميقاتي أمس في حفل اطلاق التسجيل على شبكة “دعم للحماية الاجتماعية” من أنه يتريث مجددا في الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء على أمل أن يقتنع الجميع بابعاد المجلس عن كل ما لا شأن له به، خصوصا وأننا كنا توافقنا على أن القضاء مستقل، وأن اي اشكالية تحل في القضاء ووفق أحكام الدستور، من دون أي تدخّل سياسة”، يدخل في صلب النهج الذي يعتمده في مقاربة الأمور، والقائم على اساس أن إطلاق النار على الساق لن يؤدي إلاّ إلى المزيد من النزف، الذي سيفضي حتمًا إلى بتر هذه الساق.
ولذلك، أكد أنه سعى وما زال يسعى للوصول الى حل ويدعم “أي خطوة تؤدي الى تقريب وجهات النظر مراهنا على الحكمة والوعي لدى الجميع لدقة المرحلة وضرورة تكثيف العمل لانجاز الملفات الاساسية لحل الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.”وشدد على “ان العمل الحكومي مستمر بوتيرة متصاعدة ومكثفة، في سباق مع الوقت، لانجاز الملفات المطلوبة ماليا واقتصاديا وخدماتيا واجتماعيا. وقد قطعنا في هذا المجال مرحلة متقدمة لا سيما في موضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي،وحل معضلة الكهرباء، والملفات المرتبطة بواقع الادارة ، وفور معاودة جلسات مجلس الوزراء قريبا باذن الله، سيتم عرض هذه الملفات واقرارها.”