لا يمكن فصل مستجدات الوضع السوري عن المسار العام لإعادة ترتيب المنطقة بأكملها، فرعاية روسيا لتفاهمات الجنوب السوري مرتبطة حكما بقنوات التواصل مع حزب الله وإسرائيل.
أتمت روسيا ما يسمى تفاهمات الجنوب السوري ليرتفع علمها كونها الضامن في عملية اخلاء الفرقة الرابعة التابعة لجيش النظام النقاط العسكرية في درعا ومحيطها، سبق ذلك انسحاب “الميليشيات” الشيعية وتحديد نقاط تفتيش تفصل بين المعارضة والنظام.
أهمية التسوية الحالية تكمن بالجغرافيا، فضبط الوضع الميداني على خط دمشق – عمان وعلى مقربة من حدود الجولان السوري المحتل ليس بالأمر اليسير، خصوصا مع تزايد غارات الطيران الاسرائيلي فوق الأرض السورية، ما منح إسرائيل ورقة قوية في العمق السوري لن يتنازل عنها بسهولة ، وهذا الأمر تطلب من روسيا حنكة استثنائية في ابرام التفاهم مع طول عناء.
هذا لا يعني بأن الأمور سلكت صوب التسوية النهائية للازمة السورية بقدر العمل على خفض نسب التوتر الميداني على أعتاب جلسات التفاوض بين فيينا واستانا، وهذا الوضع معطوفا على التفاوض مع إيران حيال برنامجها النووي، وبالتوازي مع الاضطراب اللبناني والازمة المستفحلة التي يتطلب حلها تفاهمات إقليمية لا تلوح في الافق فرصة لاتمامها.
في هذا المجال، تبرز مؤشرات سلبية عن عزم الامم المتحدة إثارة عدم التزام لبنان بمندرجات الاتفاق 1701 وإبراز خروقات له، ما يعزز الانطباع السائد عن سعي غربي لتوسيع إطار الاتفاق ليشمل كامل الحدود البرية مع سوريا ووضع نقاط مراقبة دولية، الأمر الذي لن يقبل به حزب الله بأي شكل من الأشكال.
احياء النقاش حيال الاتفاق 1701 يتزامن مع سعي أميركي حثيث لانجاز ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الاسرائيلي ما يفتح الباب مواربة على شكل من أشكال التطبيع غير المباشر، ولا ينفصل بمطلق الأحوال عن ورشة المفاوضات الجارية مع عدد وافر من الدول العربية وسوريا تحديدا.
من المؤكد اصرار إيران على الإمساك بأكبر قدر من الأوراق ووضعها على طاولة المفاوضات حين تحين الساعة، في هنا تشير تقارير ديبلوماسية إلى تشبث إيران بالاحتفاظ بنقاط قوة في جنوب لبنان كما في جنوب سوريا، على إعتبار ان ذلك يثبت دور ونفوذ محور المقاومة على المستوى الإقليمي.