ترأس لبنان يومي 29 و30 تشرين الثاني 2021 في العاصمة الاردنية عمان، اجتماع اللجنة الاستشارية لوكالة الغوث الدولية -الأونروا- ممثلاً برئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني د. باسل الحسن. وجرى خلال الاجتماع الذي شارك فيه ما يقارب 30 دولة من الأعضاء الدائمين في اللجنة الاستشارية ومن ممثلين عن الدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين والدول المانحة لـلوكالة والمجموعة الأوروبية، وجامعة الدول العربية، مناقشة قضايا متعددة ذات صلة بأنشطة وبرامج عمل الوكالة والخدمات التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين والتحديات الرئيسية التي تواجهها في مناطق عملها في ظل أزمتها المالية وامكانية ايجاد مصادر تمويل اضافية لها ،كما تداول المجتمعون في جملة اقتراحات لتطوير اعمال وخدمات الوكالة وضمان استدامتها.
ضم الوفد اللبناني بالاضافة الى د. الحسن ، القائم باعمال سفارة لبنان في الأردن جورج فاضل وأعضاء من مكتب لجنة الحوار. وعقد الوفد اجتماعاً مع المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني تم البحث خلاله في الازمة المالية للوكالة وسبل تحقيق تمويل مستدام لها وتحسين كفاءة عمل برامجها وخدماتها للاستمرار في دعم للاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة لهم وخاصة لبنان.
كما التقى الوفد اللبناني على هامش اجتماع اللجنة الاستشارية كل من مسؤولة مكتب وزارة الخارجية الأميركية لشؤون السكان واللاجئين والهجرة نانسي إيزو جاكسون، نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط بالاتحاد الاوروبي إيزابيل كومبز، مدير مكتب السياسات في وزارة الاقتصاد والتعاون التنموي الالمانية مارك ماكس مان، رئيسة الوفد السويسري مديرة وكالة التنمية السويسرية في غزة والضفة الغربية ماري جيلبران، رئيس الوفد النرويجي ارلينغ هويم، رئيس الوفد السويدي القنصل العام جوليوس ليلستروم. وتداول رئيس الوفد د. الحسن باوضاع الوكالة عبر تطبيق زووم مع القنصل العام للمملكة المتحدة في القدس، نائبة رئيس اللجنة الاستشارية ديان كورنر.
كما التقى الوفد اللبناني مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية في وزارة الخارجية الاردنية رفيق الخرفان، وأكد على دور المملكة الاردنية القيادي في كل ما يتصل بالتصدي للهموم والتحديات التي تعصف بدول المشرق العربي”. واجتمع أيضا مع كل من رئيس دائرة الشؤون الفلسطينية في جامعة الدول العربية حيدر طارق الجبري، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة الشؤون اللاجئين احمد ابو هولي، رئيس البعثة المصرية في الاردن مجدي الدريني ورئيس الوفد القطري علي عبدالله الدباغ.
وعقد على هامش المؤتمر سلسلة اجتماعات لوفود الدول المضيفة للاجئين الفلسطينين، افضت الى توافق فلسطيني، لبناني، مصري، واردني حول ضرورة الحفاظ على استمرارية وكالة الأونروا وخدماتها وحث الدول المانحة على ضمان ديمومة تمويلها.
كلمة لازاريني
وكان المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني قد استهل كلمته خلال افتتاح المؤتمر بتقديم التهنئة للدكتور باسل الحسن من لبنان على تعيينه رئيسا للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، متمنياً له التوفيق في رئاسة اللجنة الاستشارية هذا العام. وتوجه بالشكر لرئيس اللجنة السابق الدكتور حسن منيمنة على” دعمه للأونروا وللاجئي فلسطين عبر السنين، وللأستاذة ديان كورنر، القنصل العام للمملكة المتحدة في القدس على دورها كنائب لرئيس اللجنة الاستشارية.” واشاد “بقيادة كلا من لبنان والمملكة المتحدة، سواء لهذا الاجتماع أم لإجتماع اللجنة الاستشارية التالي.”
وحذر لازاريني في كلمته المشاركين “من المخاطر المرتبطة بالأزمة المالية التي تواجهها الوكالة وتأثيرها على مقدرتها على المحافظة على الخدمات للاجئي فلسطين.” ودعا “بشكل عاجل الهيئة التي تحكم الوكالة إلى مساعدته على ضمان استمرار الخدمات الأساسية للاجئي فلسطين في الضفة الغربية، التي تشمل القدس الشرقية، وغزة وسوريا والأردن ولبنان”. كما جدد دعوته “العاجلة لجميع الشركاء لمواصلة تضامنهم مع لاجئي فلسطين بطريقة مستدامة ويمكن التنبؤ بها وطويلة الأجل، وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل سياسي يشملهم.” وركز بشكل خاص “على تمكين الشباب ومساعدتهم في رحلتهم نحو الاعتماد على الذات.”
كلمة لبنان
والقى د.الحسن الكلمة التالية في افتتاح اعمال المؤتمر، ممثلاً لبنان في رئاسة اللجنة الاستشارية للاونروا لهذا العام:
“معالي وزير خارجية المملكة الأردنية الهاشمية، السيد أيمن الصفدي، ممثلاً بعطوفة الاخ رفيق خرفان مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية،
المفوض العام للأونروا السيد فيليب لازاريني،
السادة رؤساء الوفود ممثلي الدول المضيفة والمانحة والمنظمات الداعمة
يصادف اجتماعنا هذا اليوم مع مناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي شكل اعترافاً خجولاً بمسـؤولية الأمم المتحدة عن قرار تقسيم فلسطين وتبعاته التي لا زلنا نعاني من نتائجها اليوم. وأنني أتوجه بخالص الشكر والتقدير للمملكة الاردنية الهاشمية على حسن استضافتها لهذا المؤتمر.
واننا اليوم نتوجه عبر وكالة الأونروا والدول المانحة والجمعية العامة للأمم المتحدة التي شكلت الأونروا احدى اهم إنجازاتها، في موازاة تحديات كبيرة وفشل كبير في تحقيق ما يصبو اليه الشعب الفلسطيني منذ ٢٩ نوفمبر العام ١٩٤٧ مروراً ب ٢٩ نوفمبر ١٩٧٧ وصولاً الى يوم ٢٩ نوفمبر ٢٠٢١ ، وهو حقه في إقامة دولته على اراضه. إن شعوبنا ومجتمعاتنا لم تتعرف على الأمم المتحدة وأهدافها السامية الا من خلال المهمة الإنسانية والاستثنائية التي تجسدت بالأونروا. ولا اغالي اذا قلت أنه ساد اعتقاد لدى العامة من شعوبنا بأن الأونروا تعني الأمم المتحدة.
إن ارتباط اسم هذه الوكالة بالنكبة وبالمعنى الاول للصدمة الاولى التي تلقاها الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب العربية بمجملها، هو أوضح تعبير عن الشراكة التاريخية بقضية اللاجئين الفلسطينيين. وإن محنة المجتمعات المضيفة الحالية هي التحدي الأساسي في ظل الظروف الضاغطة الناجمة عن اختناق العالم بأزمات اللاجئين والنازحين، والتي نجم عنها أكثر من ٨٠ مليون نازح ولاجئ جراء الحروب والنزاعات . لهذا، يجب البناء على هذا المؤتمرمع شركائنا، من الدول المانحة والمضيفة، من أجل التصدي لهذه الازمة الخانقة وغير المسبوقة للاونروا، التي يترتب عليها وعلى كل دولة قسط من الواجب. ولاشك في أن أول شرط لحسن القيام بهذا الواجب هو صحة الفكر.
لم يعرف التاريخ أعدل وأحق من قضايا اللاجئين او النازحين أو المشردين الذين يُشردون من بيوتهم وتنتزع منهم أموالهم واملاكهم ويهيمون على وجوههم في أصقاع الارض، ولا يدرون ما يخبئه لهم القدر. وقد عانى الشعب الفلسطيني من أشكال متعددة من أشكال التهجير والاقتلاع من الاماكن التي استقروا بها بعد طردهم الاول عام 1948 والثاني في عام 1967 والحالي بعد اندلاع الأزمات العربية في 2011. هذا الربيع العربي، الذي اصاب الدول التي دفعت اثماناً باهظة نتيجة استضافتها للقضية الفلسطينية، في مصر وتونس ولبنان وسوريا والاردن والعراق واليمن، الجزائروالسودان، وهي الدول نفسها التي تواجه اليوم كل مخاطر التهجير والإبادة واشكال النزاع حيث يقف العالم عاجزاً امام هول ما حدث وما قد يحدث مجدداً في الاشهر والسنوات القليلة القادمة من صعود للتنظيمات الإرهابية والنزاعات الأهلية والمجتمعية والعرقية والدينية وتفاقم الهجرة غير الشرعية.
أيها السيدات والسادة،
وجهة نظري هي عن تعديل المفاهيم الخاطئة في المعجم القديم غير المتلائم ، الذي مازال موجوداً في خطاباتنا، وفي خطابات مؤسساتنا حين نخاطب الأونروا، أو حين نعمل لجمع الأموال لـ ” مساعدة الأونروا”.
فهذه المؤسسة حققت نجاحات في حفظ تماسك الشعب الفلسطيني من خلال التمايز التي شكلته مدراس الأونروا ونجاحاتها التربوية التي ولّدت مفكرين ومخترعين وادباء وشعراء وقادة رأي وشخصيات عالمية معروفة ساهمت في التقدمين الانساني والبشري، عبر اندماجهم في المجتمعات العالمية بعد تخرجهم من مدارس الأونروا التي أهلتهم للتفوق والنجاح في أرفع الجامعات العالمية. وبدل أن تكافأ الأونروا بكونها قدمت النموذج الأممي الأول، في التصدي لآثار الحروب والنزاعات في الشراكة عبر التعليم، لتصبح المؤسسة الأم المتخصصة بتنمية قدرات الشعوب المشردة والمهجرة والمتروكة لقدرها، وتعميق الشراكة معها باعتبارها نموذجاً مميزاً بين كل التجارب الدولية والإنسانية؛ فإنها تواجه اليوم صراعاً للبقاء وتحدياً صعباً في الاستمرار في تقديم خدمات الحد الأدنى للاجئين الفلسطينيين في هذه المنطقة الملتهبة.
المساعدة طالما أنها لا تساعد، وطالما أنها لاتقود الى الاستغناء عنها، يجب التخلص منها لأن هذا النوع من المساعدة يجعلك مهاناً.
وبإسمي وبأسم الأونروا، أتوجه الى حضراتكم بالدعوة الى تخطي الآليات والذهنيات التي لا تقدم للشعوب الدعم الذكي الذي يغنيها عن طلب المساعدة بصورة دائمة، والشعب الذي نحن نعمل من إجله – أي اللاجئين الفلسطينيين – نريده ان يشعر بالكرامة وأن لا نشعر نحن بالإهانة لأننا لا – أو- لن نستطيع القيام بواجباتنا.
هذا النوع من المساعدة مع إدراك حقيقة ان هناك واجبات ومسؤوليات يجب القيام بها لمساعدة المجتمعات في النجاة بنفسها وبقدراتها الخاصة، هو ما يجب أن يكون الهدف السامي للدول الأكثر قدرة على توفير الدعم والمساعدة.
اتوجه هنا الى جميع الجالسين حول هذه الطاولة والمسؤولين عن توفير الدعم المالي والسياسي لوكالة الأونروا، إن هذه الشعوب تريد أن تتطور وأن تنمو بنفسها وبقدراتها، وبدعم من الفلسطينيين في الخارج الذين هم بأغلبيتهم من أبناء الأونروا ومؤسساتها التعليمية. في ظل التعاون المتبادل مع المؤسسات الدولية ومع الامم الاخرى التي تواجه تحديات متنوعة ليس أولها اللجوء والهجرة غير الشرعية جراء النزاعات والحروب، يطلب منا المواكبة اليقظة والمباشرة لتطور المجتمعات وضرورتها ومستجداتها السياسية والاقتصادية والانسانية والوجودية من الصحة الى المناخ والبيئة والتكنولوجية وغيرها من تحديات وأسباب تطور الوجود الانساني.
إن التحديات المعروفة التي تواجهها الأونروا، تحتم علينا الإقلاع عن النمط القديم في التعامل مع وظيفتها، بعد عقود من تعثر قيام الدولة الفلسطينية الديمقراطية المستقلة، ولم شمل أبنائها ونخبتها في فلسطين وفي الشتات، وأن نذهب الى تجديد ثقافة النخبة الفلسطينية التي تخرجت في مدارس الأونروا، نخبة قادرة على مواكبة التحوّل والتحديات الدقيقة في المنطقة وفي العالم.
إذا كان لابد لهذه الوكالة أن تعيش – لان هذا ضروري بأي ثمن ـ فسيكون عبر ادراك أن عدم الاكتراث وتجاوز اهمية أن لا تعاني الأونروا من العجز المالي وعدم قيامها بدورها في خدمات التعليم والصحة والمساعدة الاجتماعية وتنمية قدرات مجتمع اللاجئين الفلسطينيين بصورة خاصة، سيكون له تداعيات خطيرة على الامن والاستقرار الإقليمي والدولي.
شكلت بيروت الحاضرة الوطنية الاولى وعاصمة الإنصهار الوطني والعربي والفسلطيني والسوري، واستقبلت ومازالت، رغم ازماتها العميقة الاقتصادية والسياسية والامنية ورغم التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة اللبنانية، وبيروت التي استضافت المدارس الارسالية الاولى التي شكلت نخبة المشرق العربي الأول، استضافت القضية الفلسطينية واصبحت خلال الحرب الباردة عاصمة النزاع بين اليمين واليسار والتيارات القومية الدينية والوطنية وعاصمة النزاع العربي الاسرائيلي بعد هزيمة 67 واتفاق القاهرة عام 69 وحتى الاجتياح الاسرائيلي عام 82 – ثم اصبحت بيروت عاصمة النزاع الاقليمي والساحة الخلفية لحرب الخليج الاولى والثانية وعاصفة الصحراء.
بيروت عاصمة مبادرة السلام العربية خلال القمة العربية عام 2002 ، ثم بيروت ما بعد 41 شباط 2005 واغتيالاته وحروبه ثم ربيع 2011 – وتحولاته حيث استقبلت بيروت تحديات النزاعات مجدداً – في سوريا وفلسطين والعراق واليمن. لقد احترفت بيروت وظيفة احتواء النزاعات واستوعبت هذه الوظيفة كل مكوناتها الوطنية، والآن مع تحولات المنطقة من النزاع الى الانتظام، فإن بيروت تعاني من أزماتها الاقتصادية وتصدع بنية المؤسسات الوطنية والقادرة على إرساء الاستقرار السياسي والاجتماعي .
لذا فإني من هنا اطلق نداء بيروت، عاصمة للنهوض والانتظام، وأن نخرج بمقررات هادفة لدور بيروت والأونروا معاً في تقديم نموذج الانتظام الديموقراطي والاقتصادي والاجتماعي الاول في مرحلة ما بعد النزاع.”
يذكر ان اللجنة الاستشاريّة لوكالة الأونروا تضم 28 دولة وثلاثة أعضاء مراقبين جامعة الدول العربية، فلسطين، والاتحاد الأوروبي، وقد انضم لبنان اليها في العام 1953. وهي مكلفة بإسداء النصح ومساعدة المفوض العام للأونروا في تنفيذ تفويض الوكالة. وتجتمع مرتين في السنة، عادة في شهري حزيران وتشرين الثاني، لمناقشة القضايا التي تتعلق بالأونروا ودورها وخدماتها. وقد جاء اجتماع اللجنة الاخير في عمان في أعقاب المؤتمر الدولي حول الأونروا الذي عقد في شهر تنشرين الاول الماضي في بروكسل برئاسة الأردن والسويد، للبحث في كيفية جمع أموال عاجلة لسد الفجوة في عام 2021 وتأسيس برنامج تخطيط طويل الأجل للوكالة.