ليلة وصوله الى لندن في طريقه الى مؤتمر المناخ الدولي في غلاسكو، واجهت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انباء الازمة مع المملكة العربية السعودية بعد تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي رغم انه ادلى بها قبيل تعيينه.وعلى الفور باشر رئيس الحكومة اتصالاته السياسية لمعالجة الملف وابرزها مع رئيس الجمهورية ميشال عون .
وكان واضحا بنتيجة هذه الاتصالات ان الامور ذاهبة باتجاه تصعيد خليجي لا يتحمله لبنان ، وان المطلوب حل سريع يبدأ بمعالجة السبب الطارئ للمشكلة المستجدة، فأجرى الرئيس ميقاتي اتصالا بوزير الاعلام جورج قرداحي وطلب منه” تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لاعادة اصلاح علاقات لبنان العربية” وفق ما جاء في بيان المكتب الاعلامي لميقاتي يومها.
وكان واضحا من مضمون البيان ان ميقاتي يدعو قرداحي الى الاستقالة ، ولكن بصياغة ديبلوماسية تحفظ ماء وجه قرداحي وكرامته.
والموقف ذاته كرره ميقاتي لاحقا وبنفس التعابير، في وقت اكدت المعلومات ان قرداحي سيضع استقالته في تصرف البطريرك الماروني بشارة الراعي ، الامر الذي لم يحصل ما دفع البطريرك الراعي الى التعبير علنا عن انزعاجه في عظاته وتصريحاته اللاحقة.
ومن باب الحرص ايضا على كرامة الرجل، استقبل رئيس الحكومة الوزير قرداحي مرتين في دارته بعيدا من الاعلام للتشاور معه في الوضع ، ووضعه في صورة المعطيات الدقيقة حول مآل الامور، متمنيا عليه تقدير الموقف.
وبدا واضحا من سرد الوقائع الانفة الذكر، ان رئيس الحكومة ، كان حريصا منذ البداية على علاقته الممتازة مع المرجعية السياسية لوزير الاعلام، اي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ومع وزير الاعلام نفسه.
واذا كان الوزير قرداحي قرر ان يقدم استقالته اليوم من وزارة الاعلام، رغم ان الاصول المرعية الاجراء تقضي بأن يبلّغ هذه الاستقالة رسمياً كتابياً او حتى شفويا الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كونه رئيسه المباشر قبل ان يعلنها من اي مكان يريد ، فان الاكيد والثابت ان رئيس الحكومة قام بما يمليه عليه واجبه الوطني واخلاقه السياسية والوطنية وحفظ ماء وجه قرداحي جيدا ، عكس ما سرّبت احدى الصحف اليوم نقلا عن قرداحي نفسه . والصحيفة نفسها تحدثت عن “بيع”قرداحي استقالته ، ليس لرئيس الجمهورية او رئيس الحكومة بل للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
وانطلاقا من عنوان مقال الصحيفة نفسها فان ميقاتي لا ينتظر ” هدية” لا من قرداحي ولا من سواه، بل جلّ همه حفظ الوطن ومصالح أهله وعلاقاته مع الدول الشقيقة والصديقة.