منذ إعلان الإليزيه عن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى السعودية ضمن جولة تشمل الإمارات العربية وقطر وتبدأ اليوم وتستمر ليوم السبت، حتى عقدت الآمال مجددا عند بعض القوى السياسية على إمكان معالجة باريس للتوتر القائم بين السعودية ولبنان، والذي فاقم في حدته تصريح وزير الاعلام جورج قرداحي عن الأزمة اليمنية.
في المقابل، فإن التمني الفرنسي من المعنيين في لبنان، تمثل بضرورة استقالة قرداحي المطلوبة سعوديا قبل أي بحث في الملف اللبناني،خاصة وأن شرط الرياض كان قد تبلغه الأميركيون الذين دخلوا على خط الوساطة أيضًا، وتبلغه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني، وسمعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي اتصل به خلال زيارته روما ومن موفدين وسفراء.
أمام القوى السياسية ساعات حاسمة قبل يوم غد السبت، حيث سيلتقي الرئيس الفرنسي وليد العهد السعودي محمد بن سلمان، بعد أن يكون قد استهل جولته الخليجية من الإمارات بلقاء ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، فاجتماعه تاليا مع أمير قطر الشيخ تيم بن حمد ال ثاني، مع الإشارة إلى أن زيارة وزير الخارجية القطري إلى لبنان التي لم يحدد موعدها بعد، مرتبطة بتطور إيجابي يمكن البناء عليه للعمل على وساطة تنهي العزلة الخليجية عن لبنان.وعليه فإن قرداحي الذي دعاه الرئيس ميقاتي خلال لقائهما الاخير إلى اتخاذ القرار الذي يصب في مصلحة لبنان بعدما وضعه في أجواء اتصال ماكرون به، سيعلن استقالته اليوم من وزارة الاعلام حيث يعقد مؤتمرا صحافيا يفند خلاله حيثيات الأمور تمهيدا لخطوة الاستقالة، لتكون بمثابة رسالة إيجابية يحملها الرئيس الفرنسي إلى ولي العهد السعودي.لا شك أن استقالة قرداحي كانت مطلب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بيد أن الأكيد أيضاً أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم يكن يمانع مطلقا هذا الطرح وكذلك الأمر بالنسبة إلى رئيس تيار المرده النائب السابق سليمان فرنجية، الذي يقال انه تشدد في موقفه بداية انسجاما مع حزب الله الذي اعتبر أن مواقف قرداحي مشرفة رافضا بلغة التهديد أي دعوة لاقالته. ورغم ذلك، يمكن القول إن الوقت حان لهذه الاستقالة بعدما تدخل الفرنسيون عبر موفديهم، بالتواصل مع حزب الله ورئيس المرده الذي اتصل به مستشار ماكرون باتريك دوريل وزارته السفيرة الفرنسية آن غريو يوم الأحد الماضي قبيل زيارتها الرئيس ميقاتي أمس من أجل تمرير المرحلة وتسهيل معالجة الأزمة مع الخليج والتي تشكل استقالة قرداحي نقطة انطلاقتها فضلا عن ابلاغها ميقاتي الدعم الفرنسي الدائم للبنان ومواصلة الجهود لمساعدته.
ومع ذلك، فإن مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ”لبنان24″ تؤكد أن حزب الله الذي ترك لقرداحي اتخاذ القرار المناسب له مبديا تفهمه لموقفه، ليس متفائلا اقتناعا منه أن الاستقالة لن تتلقفها الرياض ايجابا ولن تغير من سياستها تجاه لبنان، وهذا ما صوب عليه في بيان كتلة الوفاء للمقاومة الذي اعتبر أن “مقاربة الأزمة السعودية المُفتعلة لا تصحّ بالمجاملة ولا بالاستخفاف بسيادتنا وكرامتنا الوطنية”.
أن المصطلحات المشفرة التي وردت في بيان الكتلة الوفاء للمقاومة حملت وفق قراءة المصادر نفسها، “رسائل إلى أطراف الداخل وإلى الخارج على حد سواء اشبه بجرس انذار، لا سيما وأن مقاربة المعنيين لملفات المحقق العدلي القاضي طارق البيطار وقرداحي والطعن الدستوري بقانون الانتخابات لا تحتمل الخفة وغياب المسؤولية الوطنية والقفز فوق التفاهمات السياسية”. وتقول المصادر” لا ضمانات بأن ينجح الرئيس الفرنسي في تبديل الموقف السعودي التصعيدي من لبنان خاصة وأن المملكة كررت مرارا أنها مشكلتها في لبنان هي حزب الله الذي تطالب بعزله”.
قد تحل أزمة قرداحي خلال ساعات، لكن الأكيد أن العلاقة اللبنانية – السعودية ستبقى على ما هي عليه، فالرياض دخلت بقوة على ملف الاستحقاق الانتخابي ليبنى على الشيء مقتضاه بعد موعد الانتخابات النيابية.
وإلى حين، فإن ملف القاضي البيطار لا يزال دونه عقبات، والمشهد لا يزال معقدا. ومع ذلك، تقول مصادر مقربة من “الثنائي الشيعي” لـ”لبنان24 إن هناك بحثا دؤوبا عن مخارج لعودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد سريعا، فالمبادرات المتتالية لم تتوقف وثمة إدراك عند الجميع بضرورة إيجاد الحلول والعمل جار على قدم وساق.