وكان في استقبال رئيس الجمهورية الفرنسية صاحب السمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في قصر السلام الملكي بمحافظة جدة. وأجريا مباحثات رسمية عرضا خلالها العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين المملكة وفرنسا في المجالات كافة. وأكدا أهمية تعزيز العمل المشترك ودفع العلاقات الثنائية نحو تعاون أوثق وبناء يقوم على الثقة والمصالح المشتركة لدفع الشراكة الاستراتيجية الثنائية إلى آفاق جديدة وواعدة.
وأشاد الجانبان بالنتائج الإيجابية والمثمرة التي تحققت منذ زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع لفرنسا عام 2018، والتي ساهمت في توسيع مجالات التعاون بين البلدين في شتى المجالات.وفي الشأن الاقتصادي، أشاد الجانبان بمتانة العلاقات الإقتصادية بين البلدين، واتفقا على أهمية تعميق الشراكة الاقتصادية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتبادل الخبرات، وتطوير القدرات البشرية، واستغلال الفرص الناشئة عن “رؤية 2030″ للمملكة والخطة الإقتصادية لفرنسا 2030” في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك. وأكد البلدان أهمية متابعة تنفيذ الشراكة الإقتصادية المتوازنة من خلال الاستثمارات المتبادلة بين القطاع الخاص في البلدين. ورحبت المملكة العربية السعودية بزيادة تعاون الشركات الفرنسية في اطار رؤية 2030 في قطاعات: الطاقة، إدارة المياه والنفايات، المدن المستدامة، النقل، الطيران المدني، حلول التنقل، الاقتصاد الرقمي والصحة. وترغب فرنسا باستقطاب الاستثمارات السعودية في القطاع العام والخاص، لا سيما في مجالات التقنيات الجديدة والشركات الناشئة وصناعة المستقبل. وتتطلع المملكة العربية السعودية إلى تعزيز استثمارات القطاع الخاص السعودي في السوق الفرنسية.
وأشاد الجانبان بالتوقيع على العديد من العقود والاتفاقيات في جميع المجالات الاقتصادية، وذلك من خلال اللقاءات التي تمت بين رجال الأعمال من البلدين على هامش هذه الزيارة، مجددين الشراكة العميقة بين البلدين.
وأكد الجانبان التزامهما حماية البيئة والتنوع البيولوجي. وأعرب الرئيس الفرنسي عن تقديره لمبادرات وجهود المملكة في مجال البيئة والتغير المناخي.
وفي ما يتعلق بقطاع الطاقة في مجالاته المختلفة، أكد الجانبان متانة العلاقات بين البلدين في مجال الطاقة، والتي تتمثل بالعديد من المشاريع في مجالات تكرير النفط، وإنتاج البتروكيماويات، وقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، لا سيما في مجالات تطوير المشاريع وأمن المحطات والشبكات الكهربائية وموثوقية الخدمة وتبادل الخبرات في الربط الكهربائي.
واتفق الطرفان على تعزيز تعاونهما في ما يتعلق بإنتاج الطاقة النووية في اطار سلمي وآمن، وإدارة النفايات المشعة ومجالات التطبيقات النووية والرقابة النووية وتطوير القدرات البشرية، في اطار الإتفاق الحكومي الموقع في عام 2011.
وفي ما يتعلق بقضايا التغير المناخي، أكد الجانبان أهمية الالتزام بمبادئ الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي واتفاق باريس. وضرورة تطوير وتنفيذ الإتفاقيات المناخية مع التركيز على الإنبعاثات دون المصدر من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، كإطار متكامل وشامل لمعالجة الاحتباس الحراري.
وأشاد رئيس الجمهورية الفرنسية بمبادرتي “السعودية الخضراء” و “الشرق الأوسط الأخضر”. وأكد الجانبان أهمية التعاون من أجل تحقيق هذه المبادرات.
وأكد الطرفان أهمية التعاون لدراسة فرص تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف في المملكة، واستخداماته المختلفة، للمشاركة في تحول الاقتصادات إلى اقتصادات خالية من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وفي التحول في مجال الطاقة على المستوى العالمي.
وعرض الجانبان الجهود المبذولة لمكافحة جائحة كوفيد -19، والنجاحات التي حققها البلدان في التصدي لهذه الجائحة. وعبرا عن مواصلة جهودهما لدعم الدول الأقل نموا، وكذلك البلدان النامية في مواجهة التداعيات الاقتصادية والصحية والاجتماعية لهذه الجائحة.
وفي المجال الثقافي، أشار الجانبان الى العلاقات الثقافية التاريخية بين البلدين، والتي شهدت على مدى العقود الستة الماضية تعاونا مستمرا في مختلف المجالات. واكدا أهمية تعزيز التعاون في هذه المجالات، ولا سيما تطوير المتاحف والصناعة السينمائية والتراث.
ورحب الطرفان بالتعاون المثمر القائم للتطوير المستدام لمنطقة العلا، في إطار الاتفاق الحكومي الموقع في أبريل 2018. واشادا بتوقيع اتفاقيات جديدة، تساهم من خلالها فرنسا في دعم التطوير الثقافي والسياحي لهذه المنطقة الزاخرة بالإمكانات.
كما أكد الطرفان أهمية رفع وتيرة التعاون في المجال السياحي، وإطلاق مبادرات لتنمية الحركة السياحية، بما يتيح الكشف عن المقومات السياحية لكل دولة، وتعزيز التواصل بين مواطني البلدين، وتقديم التسهيلات لتحقيق هذه الأهداف.
وفي مجال التعليم، رحب الجانبان بتوسيع التعاون بين الجامعات وكليات التقنية ومراكز الفكر والأبحاث في البلدين، وكذلك تعزيز التعاون بينهما في مجالات البحث العلمي والتطوير والابتكار، من خلال إجراءات ملموسة ومشاريع هيكلية في التخصصات العلمية المواكبة لتطلعات المستقبل.
ورحب الجانبان بتوقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات (الثقافة، السياحة، التقنيات الرقمية والفضاء)، وكذلك اتفاقية إنشاء مركز ثقافي فرنسي (فيل الحجر) في العلا.
وفي مجال الدفاع والأمن، أكد الجانبان أهمية التقييم المستمر للتهديدات المشتركة لمصالح البلدين، وكذلك لأمن واستقرار المنطقة واشادا بشراكة الدفاع التاريخية التي تجمعهما. واتفقا على تعزيز حوارهما لتعميق التقارب الاستراتيجي بينهما.
وفي ما يتصل بالقضايا الإقليمية والدولية، أكد الطرفان أهمية تعزيز وترسيخ التعاون الفرنسي السعودي وتنسيق مواقفهما تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك من أجل تحقيق السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص وفي العالم بشكل عام، والتصدي للسياسات والتدخلات المزعزعة للأمن وللاستقرار الإقليمي والدولي. وأشاد الجانبان بأهمية قمة بغداد التي عقدت في آب 2021 من أجل تعزيز الاستقرار في العراق وتشجيع الحوار الإقليمي.
كما شدد الجانبان على تصميمهما لبذل المزيد من الجهود الحثيثة المشتركة للوقوف في وجه الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله وصوره المحلية والإقليمية والدولية ومكافحة تمويلهما. واتفقا على تعزيز تعاونهما التقني والعملياتي في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وأكد الجانبان دعمهما لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، وأكدا أهمية التوصل الى تسوية شاملة للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وفقا لحل الدولتين وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وفي هذا السياق، دعا الجانبان الى وضع حد لسياسة الاستيطان الإسرائيلي التي تهدد حل الدولتين.
وأعرب الجانبان عن قلقهما العميق إزاء تطور البرنامج النووي الإيراني، وعدم التعاون والشفافية تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية. واكدت فرنسا تصميمها على الا تتمكن إيران من تطوير أو امتلاك سلاح نووي. واتفق الجانبان على ضرورة التصدي لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، بما فيها استعمال ونقل الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي أدت إلى اعتداءات على المملكة العربية السعودية.
وفي ما يتعلق باليمن، أكد الجانبان أهمية دعم الجهود المبذولة، لا سيما من قبل المبعوث الخاص للأمم المتحدة، بهدف التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، استنادا الى المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرار 2216. وجددت فرنسا دعمها الكامل لمبادرة السلام السعودية التي تم تقديمها في 22 مارس 2021، ودانت الهجمات بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة التي ترتكبتها ميليشيات الحوثي وأكدت التزامها التاريخي بالحفاظ على أمن المملكة.
وبشأن لبنان، شدد الطرفان على ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بتنفيذ إصلاحات شاملة، لا سيما الالتزام بتنفيذ اتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان. وان تشمل الإصلاحات قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود. واتفق الجانبان على العمل مع لبنان لضمان تنفيذ هذه الإجراءات. وشددا على ضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية وألا يكون لبنان منطلقا لأي اعمال ارهابية يزعزع استقرار وامن المنطقة، ومصدرا لتجارة المخدرات. وشددا على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان. واتفقا على استمرار التشاور بين البلدين حول كل هذه القضايا. واتفقا على إنشاء آلية مساعدات إنسانية فرنسية سعودية في إطار يضمن الشفافية التامة ويظهر عزمهما على إيجاد الآليات المناسبة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني، بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة. وأكدا أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته، وفقا لقرارات مجلس الأمن (1559) و (1701) و (1680) والقرارات الدولية ذات الصلة.
وفي الشأن العراقي، أعرب الجانبان عن دعمهما لجهود الحكومة العراقية في القضاء على الإرهاب والحفاظ على أمن العراق واستقراره ووحدته وسيادته الإقليمية. وأكدا أهمية وقف التدخلات الخارجية في شؤون العراق الداخلية. ورحبا بإجراء الانتخابات في 10 أكتوبر 2021 ، وعبرا عن أملهما بتشكيل حكومة جديدة قريبا.
وفي الشان السوري، أكد الطرفان أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا، وفق إعلان جنيف (1) وقرار مجلس الأمن رقم 2254، من أجل إنهاء المعاناة الإنسانية للشعب السوري. والحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، ودعم جهود المبعوث الأممي الخاص بسوريا.
وفي ما يتعلق بليبيا، أكدا أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية، وفق قرارات الشرعية الدولية، بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.ورحب الجانب الفرنسي بدعوة المملكة العربية السعودية لعقد اجتماع استثنائي للمجلس الوزاري لمنظمة المؤتمر الإسلامي لمناقشة الوضع الإنساني في أفغانستان والمساعدة في توفير استجابة إنسانية مناسبة. وفي ختام الزيارة، أعرب الرئيس الفرنسي عن شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية، حكومة وشعبا، على الترحيب الحار الذي لقيه مع الوفد المرافق من حسن استقبال وكرم ضيافة”.