تشكل محاولات “البعض” وهم معروفون طبعا، رغم تخفيهم في الغرف الاعلامية السوداء، تحميل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المسؤولية عن تعطيل اعمال جلسة مجلس الوزراء، قمة الوقاحة والفجور السياسي، لكنها تبقى مفهومة كمحاولة لحرف الانظار عن “العزلة السياسية” التي يعيشها البعض وعن الخلافات التي باعدت بينه وبين “الحلفاء” لحسابات انتخابية وسياسية.
وبدا واضحا مما كُتب اليوم ويتم تسريبه همسا، أن “هناك غيظا سياسيا” متواصلا من المحادثة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن سلمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي السبت الفائت.
فهل من عاقل سيصدق ما كُتب من ان رئيس الحكومة يريد فشل حكومته وان تكون حكومة غير منتجة؟
وهل من أحد سيصدق ان رئيس الحكومة لا يريد دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، وهو الذي يكثف اجتماعاته الوزارية ولقاءاته للاسراع في انجاز الملفات المطلوبة، وتحضيرها استعدادا لعودة جلسات الحكومة؟
وهل رئيس الحكومة هو الذي إفتعل ازمة القاضي البيطار واشترط تدخل الحكومة في شأن قضائي لا دخل لها به، لوقف مقاطعة جلسات الحكومة؟
وهل رئيس الحكومة مثلا هو الذي أبقى التركيبة المالية نفسها خلال السنوات الماضية ووقع قرار التمديد لحاكم مصرف لبنان “في زمن الوئام”؟
أوليس مضحكا القول “إن رئيس الحكومة يريد إدارة البلد بالتنسيق بينه وبين رئيس الجمهورية وتحويل الحكومة إلى تصريف الأعمال من دون أن تكون الحكومة مستقيلة”؟
بات واضحا “ان هذه التطريزة الاعلامية” التي تم تسريبها اليوم هدفها الوصول الى جوهر “الرسالة البطولية” المطلوب تمريرها ومفادها “ان رئيس الجمهورية لن يوقّع مزيداً من الموافقات الاستثنائية، خصوصاً أنه لا يريد لآخر مجلس وزراء في عهده أن ينتهي بالتعطيل وارتكاب مخالفة دستورية”.
وبات واضحا ايضا ان المقصود هو توجيه رسالة الى “الحلفاء” بعد الفشل في ارساء تفاهم سياسي وانتخابي يريح “الخليفة المنتظر”.
في المقابل فان الامور واضحة على خط رئيس الحكومة، فهو يواصل اتصالاته السياسية لحل الازمة، ومنفتح على كل الاقتراحات، وماض في قراره بالتعاون الصادق والجاد والبنّاء مع رئيس الجمهورية، ولكنه اكد منذ بداية الازمة بانه لن يقبل تدخل الحكومة باي شأن قضائي لا علاقة لها به.
كذلك فان رئيس الحكومة ليس في وارد ادخال البلد في خلاف طائفي ومذهبي او استفزاز اي مكون لبناني، وان تُستخدم “الحكومة والتوقيع” ورقة ضغط لنسج تحالفات وتفاهمات لا علاقة للشأن العام بها.
واذا كان رئيس الحكومة يعطي الاتصالات مداها، فهو بالتأكيد لن يسمح بأي مس بالصلاحيات الدستورية، مهما كانت الاعتبارات، وهو سيوجه الدعوة الى عقد جلسة مجلس الوزراء في التوقيت الذي يراه مناسبا، لانه يدرك جيدا عدم امكان تسيير أمور الحكومة بلا مجلس وزراء، او عن طريق الموافقات الاستثنائية والمراسيم الطيّارة أو عن طريق الموافقات اللاحقة، او بالتنسيق مع كل وزير على حدة.
على مضض قبل رئيس الحكومة ان يوقع مع رئيس الجمهورية خمس موافقات على قرارات من دون العودة إلى مجلس الوزراء، لانه يريد تسيير مرافق عامة، وبعضها يعاني مشاكل قديمة نتيجة “مراسيم نائمة في الادراج”. وهذه الموافقات هي: تحويل اعتمادات إلى هيئة أوجيرو، تحويل اعتماد الى مستشفيات (قراران)، نقل اعتماد إلى المديرية العامة للطيران المدني لتغطية اعتمادات الأعمال الإضافية الليلية للموظفين المناوبين، نقل خادم منصة “ايمباكت” الذي يجري تسجيل طلبات البطاقة التمويلية عليه إلى مقر التفتيش المركزي لزيادة سعته ثم تحويله إلى أوجيرو”.
والخلاصة ان رئيس الحكومة قَبِل بتولي المسؤولية رغم صعوبتها، فليس لديه سوى “أجندة” واحدة وهي انقاذ البلد واللبنانيين من الانهيارات المتلاحقة والقيام بالخطوات الانقاذية المطلوبة. وهذه المهمة مستمرة ولن يثنيه عنها اي عائق.