ضرب، تهديد، خطف، شتم، تشهير، قدح، ذم، إفتراء، إعتداء، أذى لفظي وجسدي، تلفيق أخبار كاذبة، الى تخريب وتكسير وتحطيم، والقائمة تطول.
ما أوردناه آنفاً هي ظواهر باتت تتكرّر في الآونة الأخيرة في كل المستشفيات والمراكز الصحية على كامل الأراضي اللبنانية، خصوصاً بعد تفشي جائحة الكورونا، ضد الطواقم الطبية والتمريضية، وهي في غالبيتها إعتداءات يقوم بها أهالي مرضى يتوفون من جراء مضاعفات فيروس الكورونا أو أمراض أخرى، ما يدفع بالأهالي الى القيام بردود فعل غاضبة وعنيفة في كثير من الأحيان، محمّلين الطبيب المعالج أو المستشفى المعني مسؤولية وفاة مريضهم.
هذه الظاهرة “غير الصحية” التي تهدد القطاع الصحي المنهك أصلاً من تداعيات كثيرة يطول تعدادها، وتكرار الإعتداءات دفعا بإتجاه إقرار الإقتراح الرامي الى تعديل قانون العقوبات لجهة الجناية والجنح المرتكبة بحق الأطباء ومعاونيهم، بعد إدخال تعديلات عليه من قبل لجنة الإدارة والعدل النيابية، ودراسة مسهبة سبقت الإقتراح من قبل لجنة الصحة، وذلك في الجلسة التشريعية العامة، بعد مراوحة بين اللجنتين بداعي الدراسة والتريث لأكثر من سنة.
القانون الذي تم إقراره يشكل نوعاً من الحصانة المهنية للأطباء والممرضين والممرضات وللعاملين والإداريين في المستشفيات، وهو يستند الى المادة ٥٥٩ من قانون العقوبات والتعديلات التي أُدخلت على عدد من فقراتها، والتي تميّز بين واقع الإعتداء بسبب عمل الطبيب ومساعديه أو الإعتداء خارج عمل هؤلاء.
تجريم وتغريم المعتدين على الطواقم الطبية والتمريضية باتا قانوناً نافذاً، “وهذا أمر مهم مع تزايد حالات الإعتداء عليهم” على ما يقول وزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض في معرض تعليقه على إقرار القانون، فهل سيُحترم القانون في بلد يبتكر ظواهر ” عجيبة غريبة” لخرق ومخالفة القوانين؟
في مطلق الأحوال، البلد لا تنقصه النصوص القانونية إنما الإلتزام بتطبيقها، حتى لو كنا على قناعة مطلقة بما يورده المثل الشعبي القائل” الله يشفي والطبيب يأخذ الأجر…”