كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: قانون الانتخاب نص في المادة 112 على أن المقاعد المخصصة لغير المقيمين هي ستة تحدد بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين موزعين كالآتي: ماروني، أرثوذكسي، كاثوليكي، سني، شيعي ودرزي. وبالتساوي بين القارات الست». وهذا يعني أنه إذا أريد قانون الانتخاب، كما أقرّ وبالفقرة المذكورة موضع الطعن الحالي، فإنه يتعارض مع الدستور. إذ لا يمكن اعتبار القارات الست المشار إليها مناطق لبنانية، بحسب المادة 24. وليس منطقياً أن يتم التعامل مع أوستراليا أو أوروبا أو آسيا كمناطق في الدائرة 16 بوصفها مناطق لبنانية كبيروت والنبطية وجبيل وزغرتا وجبيل. ولو أن القوى السياسية المعترضة اليوم على هذا البند قدمت طعناً حينها لدى المجلس الدستوري في هذا التعديل لكان المجلس أخذ به حكماً. وبغض النظر عن جوهر الاقتراع للمغتربين لستة نواب، عملاً بما تعتمده بعض الدول، فإن التعارض مع الدستور يبقى هو المحك الأساس.
وبحسب هذه الأوساط، فإن القوى السياسية التي توافقت في حينه على إقرار قانون الانتخابات على عجل، وقعت اليوم في المأزق الذي كان يمكن تفاديه، علماً بأن بعض الذين وافقوا على الفقرة على مضض، كانوا يعوّلون على تعديلها لاحقاً، فيما اعتبر المتحمسون للفكرة حينها أنهم يقومون بخطوة استثنائية «حضارية» تجاه المغتربين، من دون إيلاء النص عناية كافية، وتسابق الجميع الى الإشادة به في رحلته من الحكومة الى المجلس النيابي، حتى إن بعضهم دعا الى تطبيق فوري للمادة المذكورة في انتخابات عام 2018. لكن ما يجري اليوم من كباش حول الإعداد والتوزع الطائفي أظهر أن هذا البند هو أولاً وآخراً ملف خلافي آخر، لاستخدام أصوات غير المقيمين في لعبة التجاذب السياسي، وليس احتضاناً للمغتربين وحقهم الدستوري في الاقتراع.مع تقديم الطعن بهذه المادة، أصبحت الكرة اليوم في ملعب المجلس الدستوري، لأن هذا الطعن هو الملاذ الأخير، ونهاية المطاف للدوران الذي يحيط باقتراع المغتربين منذ خمس سنوات. فهو بين قوة القانون والأخذ بالطعن بمواد في قانون الانتخاب الذي وافقت عليه الكتل النيابية حينها، وجرت الانتخابات عام 2018 على أساسه، وبين قوة الدستور، يستطيع أن يرجح كفة الدستور. رغم الحجة المعطاة التي اعتمد عليها التيار في مراجعته من «أن المشترع يكون من خلال التعديل الوارد في القانون المطعون فيه قد ألغى حقاً أساسياً مكتسباً، مكرساً لفئة محددة من اللبنانيين وتراجع عنه صراحة». لكن المشكلة في لبنان، ومهما كانت نيات أعضاء المجلس الدستوري الصافية أو تحكيمهم لمسيرتهم المهنية والقانونية، تبقى المكانة الأعلى للعبة السياسية التي هي نفسها أقرت القانون قبل أربع سنوات، وهي نفسها التي حذفت المادة المتعلقة باقتراع غير المقيمين، بتبريرات مختلفة، باطنها سياسي، وهي نفسها التي تطعن به اليوم لأسباب سياسية بحت، أو ترفضه بالمطلق، بعدما باتت تنظر الى أعداد المنتشرين بعين الريبة.