مَن هم المتضرّرون من أي تفاهم على الإنقاذ؟

10 ديسمبر 2021
مَن هم المتضرّرون من أي تفاهم على الإنقاذ؟

منذ اللقاء الأول بين رئيسي الجمهورية والحكومة، وعلى أثر تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة، لم تهدأ “ماكينات” ضخّ الفبركات والسيناريوهات. فمع كل طلعة شمس خبرية. ومع كل “مانشت” بعض الصحف “تلفيقة”. ومع كل تغريدة تضليل وتعمية. فلماذا كل هذا، ولماذا ذرّ كل هذا الرماد في العيون، ولماذا إفتعال قصص غير موجودة سوى في أذهان بعض الذين لا يريدون أن يكون هناك متنفس، أو بوادر حلحلة في مكان ما؟ 

فمن يقف وراء كل هذه الخزعبلات واللاعيب الصبيانية التي يمكن وصفها بـ “المراهقة السياسية”، بإعتبار أن البلد في مكان وهم في مكان آخر، وكأن لا إنهيار ولا جوع ولا تعتير ولا إنفجار إجتماعيًا قريبًا ولا فقر يدّق أبواب 70 في المئة من اللبنانيين. 
من هم هؤلاء المتضررون من أي إتفاق رئاسي على أولويات الإنقاذ؟ 
الذين لا يعرفون يستغربون ويستهجنون. أمّا الذين يعرفون فيضحكون في سرّهم. الأوائل يعتقدون، وعن حسن نيّة، أن ما يُقال في العلن وفي الصالونات هو ما يُعتمد عندما “تحز المحزوزية”، وعندما يحين وقت الجدّ، ولا يعود الوقت يسمح للذين تستهويهم “لعبة الكلّة” ولبس “الشورت” بأن يتمادوا في “ولدناتهم”. أمّا أولئك الذين يعرفون “البير وغطاه” فلا يسعهم سوى قلب الشفاه وهزّ الأكتاف، والإكتفاء بالقول “الله من عندو يهديهم”. 
فقبل تشكيل الحكومة كانت لهؤلاء المتضررين أيادٍ خفّية في عرقلة أي طرح كان يُطرح على بساط البحث الثنائي في اللقاءات المكثفة في قصر بعبدا. 
وبعد التشكيل إستمرّ هؤلاء أنفسهم في ممارسة “هواية” وضع العصي في دواليب العربة الحكومية، وهي كانت ستصل إلى حيث كان يخطّط له الرئيس ميقاتي، وفق “لوحة القيادة”. فلو لم تتداخل الأمور بعضها ببعضها الآخر لكان لبنان قد إجتاز مرحلة مهمّة من مراحل الإستنهاض، الذي تحدّث عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال إستقباله الرئيس ميقاتي أمس، وهو رأى ما لا يريد أن يراه الآخرون في الداخل “أن لبنان يحتاج إلى وفاق سياسي من أجل إعادة إستنهاضه”. 
فلو لم تلعب السياسات الضيقة لعبتها، التي يمكن أن يُقال عنها إنها إلى حدّ ما غير مناسبة مع الظروف التي يعيشها لبنان، لكانت الأوضاع نسبيًا  أفضل مما هي عليه حاليًا، أو على الأقل لم نكن مضطرّين إلى أن “نسرق الوقت سرقة” حتى نستطيع تمرير ما يمكن تمريره من قرارات إستثنائية، وذلك من أجل تسيير المرافق العامة، وللحؤول دون دخول البلاد في المحظورات، على رغم الجهود التي يقوم بها المسؤولون، كل من موقعه، ووفق ما تسمح به الظروف السياسية. 
فلولا هذه “الحرتقات، التي لا ترتقي إلى مستوى المسؤولية المفترض أن يتحمّلها الجميع، متضامنين ومتكاتفين ومتعاضدين، لكنا قطعنًا شوطًا مهمًّا في محادثاتنا مع صندوق النقد الدولي، وإن كنا نميل إلى الإعتقاد أن كل هذه “الحركات”، التي لا يمكن أن يفهما عاقل، تصبّ في خانة عرقلة هذه المحادثات. 
قد يُقال لنا أن بعض الظّن إثم. هو قول صحيح إذا حاولنا تجريده من كل ما سبق التعطيل وما تلاه، ولكن كل ما يجري حولنا يؤشرّ إلى أن ليس في بعض الظنّ أي إثم على الإطلاق.  
ويبقى أن نقول مردّدين مع الذين لا يزالون يؤمنون بقيامة لبنان، ولو بعد حين وعلى رغم كل الصعوبات والعراقيل، “ما بيصحّ إلاّ الصحيح”، وأن ما يقوم به المتضرّرون من هنا ومن هناك لا يعدو كونه فقاقيع صابون لن تلبث أن تتلاشى مع إشراقة الشمس، التي لا بدّ من أن يرى الناس نورها، ولو بعد حين.